بأذرح [1] ويحضر وجوه أصحاب علىّ ، ووجوه أصحاب معاوية ، ويحضر علىّ ومعاوية في أربعمائة ، ومدّة الأجل إلى أن يفصلا الحكم ، ويرفعا ما رفع القرآن ، وأن يختارا لأمّة محمد - صلى الله عليه - في ثمانية أشهر ، أوّلها النصف من صفر ، وآخرها انقضاء شهر رمضان . فلما اجتمع الحكمان ، وافاهم المغيرة بن شعبة في من حضر ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير ، في رجال كثير [ 19 ] ووافى معاوية في العدّة المذكورة ، وأبى علىّ أن يوافى . فقال المغيرة بن شعبة لرجال من ذوى الرأي من قريش : - « هل ترون أحدا من الناس برأي يبتدعه ، يستطيع أن يعلم : أيجتمع الحكمان ، أم يفترقان ؟ » قالوا : « لا نرى أحدا يعلم ذلك . » قال : « فواللَّه ، إنّى لأظنّ ، [ أنّى ] [2] سأعلمه منهما ، [ حين ] [3] أخلو بهما ، وأراجعهما . » فدخل على عمرو بن العاص ، وبدأ فقال : - « يا أبا عبد الله ، أخبرني عما أسألك عنه : كيف ترانا معشر المعتزلة ؟ فإنّا قد شككنا في الأمر الذي تبيّن لكم من هذا القتال ، ورأينا أن نستأنى ونثبّت ، حتى تجتمع الأمة . » قال : « أراكم معشر المعتزلة خلف الأبرار ، وأمام الفجار في سخط الله . » فانصرف المغيرة ، ولم يسأله عن غير ذلك . حتى دخل على أبى موسى ، فقال له مثل ما قال لعمرو .
[1] . أذرح : بالذال المعجمة والحاء المهملة ، اسم بلد في أطراف الشام من أعمال الشراة ( ياقوت ) . [2] . في الأصل : بل . وما أثبتناه بين المعقوفتين من مط . [3] . في الأصل : حتى . وما أثبتناه بين المعقوفتين من الطبري 6 : 3342 .