قال : « فاصنعوا ما بدا لكم . » فبعثوا إليه وقد اعتزل القتال وهو يعرّض [1] . وأقبل الأشتر حتى جاء إلى علىّ فقال له : - « ألزّنى [2] بعمرو بن العاص ، فواللَّه الذي لا إله إلَّا هو ، لئن ملأت عيني منه لأقتلنّه . » وجاء الأحنف بن قيس ، فقال : - « يا أمير المؤمنين ، إنّك رميت بحجر الأرض ، [ 14 ] وبمن حارب الله ورسوله أنف الإسلام ، وهذا الرجل - يعنى أبا موسى - قد عجمته وحلبت [3] أشطره ، فوجدته كليل [4] الشفرة [5] ، قريب القعر ، وإنه لا يصلح لهؤلاء القوم إلَّا رجل يدنو منهم ، حتى يصير في أكفّهم ، ويبعد ، حتى يصير بمنزلة النجم منهم ، فإن أبيت أن تجعلني حكما ، فاجعلني ثانيا ، أو ثالثا ، فإنّه لن يعتقد عقدة إلَّا حللتها ، ولن يحلّ عقدة إلَّا عقدت لك أخرى أحكم منها . » فأبى الناس إلَّا أبا موسى . فقال الأحنف : « فإن أبيتم إلَّا أبا موسى فادفئوا ظهره بالرجال . » ثم كتبوا : « هذا ما تقاضى عليه أمير المؤمنين . » فقال عمرو : « اكتبوا اسمه واسم أبيه . هو أميركم ، فأما أميرنا ، فلا . »
[1] . في الأصل : يعرّض ، وفي مط ، يعرض ، وما في الطبري ( 6 : 3334 ) : بعرض . وعرض ، بضم أوله ، وسكون ثانيه : بلد في بريّة الشام ، من أعمال حلب ، بين تدمر والرصافة ( مع ) . [2] . ألزّ الشيء بالشيء : ألصقه ، شدّه ، قرنه به . [3] . حلب أشطره : جرّب أموره : خيرها وشرّها . [4] . كليل : ما في الأصل غير واضح ، وما أثبتناه يؤيده الطبري ومط . [5] . في مط : الشفر .