قال : « فاحفظوا عنّى مقالي ، فإنّى آمركم بالقتال ، وإن تعصوني ، فافعلوا ما بدا لكم . » قالوا له : « فابعث إلى الأشتر ! إمّا لا [1] ، فليأتك . » فأمسك علىّ . فنزل قوم فأحدقوا به . فبعث إلى الأشتر يزيد بن هانئ السبيعي : أن ائتني . [ 10 ] فذهب ، فأبلغه . فقال : « ائته ، فقل له : ليس هذه ، الساعة ، التي ينبغي أن تزيلني فيها عن موقفي . إنّى قد رجوت أن يفتح الله لي ، فلا تعجلني . » قال : فرجع يزيد بن هانئ إلى علىّ ، فأخبره . فما هو إلَّا أن انتهى إلينا ، فارتفع الرهج [2] ، وعلت الأصوات من قبل الأشتر . فقال له القوم : « والله ما نراك إلَّا أمرته أن يقاتل . » فقال علىّ : « من أين ينبغي أن تروا ذلك ؟ رأيتموني ساررته ؟ أليس إنّما كلَّمته على رؤوسكم علانية وأنتم تسمعون ؟ » قالوا : « فابعث إليه بعزيمتك فليأتك ، وإلَّا - والله - اعتزلناك . » قال : « ويحك يا يزيد ! عد إليه فقل له : أقبل [3] إلينا ، فإنّ الفتنة قد وقعت . » فأتاه ، فقال له ذلك . فقال الأشتر : - « ألرفع المصاحف ؟ » قال : « نعم ، أما الله ، لقد ظننت حين رفعت ، أنها ستوقع اختلافا وفرقة . إنّها مشورة ابن العاهرة . ألا ترى أنّ الفتح قد وقع ؟ ألا ترى إلى ما صنع الله لنا ؟ أينبغى أن أدع هؤلاء وأنصرف عنهم ؟ »
[1] . كذا في الأصل والطبري ، وما في مط : أمثالا ! [2] . الرهج : الشغب ، الفتنة ، الجلبة ، الشرّ . [3] . أقبل : الكلمة مطموسة في الأصل ، فأثبتناها كما في مط والطبري .