ثم مضى . فلما عبر الفرات قدّمهما أمامه . وأرسل معاوية أبا الأعور السّلمى في جند عظيم من أهل الشام ، فأرسلا إلى علىّ : - « إنّا قد لقينا أبا الأعور السّلمى في جمع من أهل الشام ودعوناهم ، فلم يجبنا منهم أحد ، فمرنا بأمرك . » وكان علىّ أمرهما ألَّا يبدءا بقتال حتى يدعوا إلى الحقّ ، ويكون مبدأ القتال من غيرهما . [ 573 ] فأرسل علىّ عليه السلام الأشتر ، فقال : - « يا مال ، إنّ زيادا وشريحا أرسلا إلىّ أنهما لقيا أبا الأعور السلمى في جمع من أهل الشام ، وأخبرني الرسول أنهم متواقفون ، فالنجا إلى أصحابك النجا ، فإذا قدمت عليهم فأنت عليهم ، وإياك أن تبدأهم ، ولا يجر منّك شنآنهم على قتالهم قبل دعائهم مرة بعد مرة ، ولا تدن منهم دنوّ من يريد أن ينشب الحرب ، ولا تباعد منهم بعد من يهاب الناس ، حتى أقدم عليك ، فإنّى حثيث [1] السير في أثرك إن شاء الله . » وكتب إلى زياد وشريح بالسمع له والطاعة . فخرج الأشتر ، والتقى مع القوم ، وكفّ عن القتال إلى أن حمل أبو الأعور ، فثبتوا له . ثم انصرف أهل الشام في تلك الليلة لما أدركهم المساء [2] ، وأقبل من الغد ، وجاء الأشتر من المكان الذي كان فيه ، ولم يزل يزحف حتى وقف في المكان الذي كان فيه بالأمس أبو الأعور . فقال الأشتر لسنان بن مالك : - « انطلق إلى أبى الأعور ، فادعه إلى المبارزة . » فقال : « إلى مبارزتي ، أو إلى مبارزتك ؟ » فقال الأشتر : « لو أمرتك بمبارزته فعلت ؟ » قال : « نعم ، والله لو أمرتني أن أعترض صفّهم بسيفي ، ما رجعت حتى أضرب