فسكتت صفيّة ، وخرج علىّ . فقال له رجل من الأزد : « ما تفلتنا هذه المرأة . » فغضب وقال : « مه ! لا تهتكنّ سترا ، [ 562 ] ولا تدخلنّ دارا ، ولا تهيجنّ امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم ، وسفّهن أمراءكم وصلحاءكم ، فإنهنّ ضعاف . ولقد كنّا نؤمر بالكفّ عنهنّ وهنّ مشركات ، وإنّ الرجل ليكافئ المرأة ويتناولها بالضرب ، فيعيّر به عقبه من بعده . فلا يبلغنّى عن أحد عرض لامرأة ، فأنكّل به شرار الناس . » [1] ومضى علىّ ، فلحق به رجل فقال : « يا أمير المؤمنين ، قام رجلان ممن لقيت على الباب فتناولا من هو أمضّ لك شتيمة من صفيّة . » قال : « ويحك ، لعلَّها عائشة ! » قال : « نعم . » فبعث القعقاع بن عمرو إلى الباب . فأقبل بمن كان عليه . فأحالوا على رجلين . فقال : « أضرب أعناقهما . . » ثم قال : « بل أنهكهما عقوبة . . » ثم قال : « لا ، بل أضربهما مائة أخرجهما من ثيابهما . » ثم بايع أهل البصرة حتى الجرحى والمستأمنة . فلما فرغ من بيعتهم نظر في بيت المال ، فإذا فيه ستمائة ألف . فقسمها على من شهد معه . فأصاب كلّ رجل منهم خمسمائة . فقال لهم : « لكم إن أظفركم الله بالشام ، مثلها إلى أعطياتكم . » فخاض في ذلك السبائية وطعنوا على علىّ من وراء وراء .