فأقاموا ثلاثة أيام لم يكن بينهم قتال . قال : فكنّا نرسل إليهم وندعوهم . وبعث علىّ تلك العشيّة عبد الله بن عباس إلى طلحة والزبير . وبعثا هما من العشىّ محمد بن طلحة إلى علىّ وأن [1] يكلَّم كل واحد صاحبه . فأرسل علىّ إلى رؤساء أصحابه ما خلا أولئك الذين ساروا إلى عثمان ، وأرسل طلحة والزبير إلى رؤساء أصحابهما [ 548 ] وباتوا على الصلح بليلة لم يبيتوا بمثلها سرورا بالعافية مما أشرفوا عليه ، وبات الذين أثاروا أمر عثمان بشرّ ليلة باتوها قطَّ ، قد أشرفوا على الهلكة ، وجعلوا يتشاورون ليلتهم كلها حتى اجتمعوا على إمضاء ما كانوا همّوا به من إنشاب [2] الحرب في السرّ ، واستسرّوا به خوفا من أن يفطن لهم . فغدوا مع الغلس وما يشعر بهم . فانسلَّوا انسلالا وعليهم ظلمة . فخرج مضريّهم إلى مضريّهم ، وربعيّهم إلى ربعيّهم ، ويمانيّهم إلى يمانيّهم ، فوضعوا فيهم السلاح ، فتنادى أهل البصرة ، وثار كلّ قوم في وجوه أصحابهم الذين نهنهوهم . وخرج طلحة والزبير ، ووجوه الناس من مضر ، وبعثا إلى الميمنة والميسرة فعبّوهما ، وقالا : - « ما هذا ؟ » قالوا : طرقنا أهل الكوفة ليلا . فقالا : « قد علمنا أنّ عليّا غير منته حتى يسفك الدماء ويستحلّ الحرمة ، وأنه لن يطاوعنا . »
[1] . كذا في الطبري : وان يكلم . . ( 6 : 3167 ) . [2] . في الأصل : إنشاء . والتصحيح من الطبري ( 6 : 3182 ) .