وقال شريح بن أوفى : - « أبرموا أموركم ، ولا تؤخّروا أمرا ينبغي لكم تعجيله ، ولا تعجّلوا أمرا ينبغي لكم تأخيره ، فإنّا عند الناس بشرّ المنازل ، فلا أدرى ما الناس صانعون غدا إذا هم التقوا . » وتكلَّم عبد الله بن السوداء فقال : - « يا قوم ، إنّ عزّكم في خلطة الناس ، فصانعوهم . وإذا التقى الناس غدا فأنشبوا القتال ، ولا تفرّغوهم للنظر الطويل . فإنّ من أنتم معه لا يجد بدّا من أن يمتنع ويشغل الله عليّا وطلحة والزبير ، ومن رأى رأيهم ، عما تكرهون ، [ 545 ] فأبصروا الرأي وتفرّقوا عليه والناس لا يشعرون . » وأصبح علىّ على ظهر . فمضى ومضى الناس حتى انتهى إلى عبد القيس فنزل بهم والناس يتلاحقون به وقد قطعهم . ولما بلغ أهل البصرة نزول علىّ حيث نزل اجتمعوا إلى طلحة والزبير ، وأشاروا عليهما أن يبعثا خيلا فتبيّت [1] عليّا قبل أن يجتمع الناس إليه . فنهى الزبير وقال : - « نرجو الصلح ، وقد رددنا وافدهم - يعنى القعقاع - على أمر ، وأرجو أن يتمّ . » فقام ضبرة بن شيمان إلى طلحة فقال : - « يا طلحة ! أيتهزّأ بنا هذا الرجل ؟ إنّ الرأي في الحرب خير من الشدّة . » فقال : - « يا ضبرة ! إنّا وهم مسلمون ، وهذا أمر حدث ، ولم يكن قبل اليوم ، ولسنا ننتظر نزول قرآن فيه ، ولا فيه من رسول الله - صلى الله عليه - سنّة ، وهو علىّ
[1] . في الطبري : فيمسّوا هذا الرجل ويصبّحوه قبل أن يوافى أصحابه ( 6 : 3165 ) .