فقال لهم : « يا إخوتاه ، إنّى لست أجهل ما تعلمون ، ولكن كيف أصنع بقوم يملكوننا ولا نملكهم . ها هم هؤلاء ، وقد ثارت معهم عبيدكم ، وثابت إليهم أعرابكم ، وهم خلالكم ، يسومونكم ما شاؤوا ، فهل ترون موضعا لقدرة على شيء مما تريدون ؟ » قالوا : « لا . » قال : « فإنّى والله لا أرى إلَّا رأيا ترونه ، إلَّا أن يشاء الله . إنّ الناس من هذا الأمر - إن حرّك - على أمور : فرقة ترى ما ترون ، وفرقة لا ترى ما ترون ، وفرقة لا ترى لا هذا ولا هذا ، حتى يهدأ الناس وتقع القلوب مواقعها ، وتؤخذ الحقوق . فاهدأوا [1] عنّى ، وانظروا ما ذا يأتيكم ، ثم عودوا . » [ 511 ] ثمّ إنّ بنى أمية تهاربت وخرجت عن المدينة . فاشتدّ علىّ - عليه السلام - على قريش وحال بينهم وبين الخروج على حالها تلك . ثم خرج علىّ في اليوم الثاني فقال : - « يا أيها الناس ، أخرجوا عنكم الأعراب . » وقال : - « يا أيها الأعراب ، الحقوا بمياهكم . » فأبت السبائية ، وأطاعهم الأعراب . ودخل علىّ بيته ، ودخل عليه عدة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه - فيهم طلحة والزبير . فقال لهم علىّ : « دونكم ثأركم ، فاقتلوه . » فقالوا : « قد عسوا [ 2 ] عن ذلك . » فقال لهم : « هم والله بعد اليوم أعسى [ 3 ] . » وتمثّل : < شعر > ولو أنّ قومي طاوعتنى سراتهم أمرتهم أمرا يديخ الأعاديا < / شعر >
[1] . مط : فاهدوا . [ 2 ، 3 ] . كذا في الأصل ، وفي مط : عصوا ، أعصى . وفي الطبري : عتوا ، أعتى ( 6 : 3081 ) . عسى : جفّ وغلظ .