بنفسه ، فمشى نحوا من فرسخين حتى وقع إلى رحى من ماء ، فدخل بيت الرحى ، فجلس فيه كالَّا لغبا ، فرآه صاحب الرحى ذا هيئة ، وطرّة ، وبزّة كريمة . ففرش له وأتاه بطعام . فطعم ومكث عنده يوما وليلة . فسأله صاحب الرحى أن يأمر له بشيء ، فبذل له منطقته ، وكانت مكلَّلة بجوهر . فأبى صاحب الرحى أن يقبلها وقال : - « إنما يرضيني من هذه المنطقة أربعة دراهم آكل بها وأشرب » . فأخبره ألَّا ورق معه ، فتملَّقه صاحب الرحى حتى إذا [ 472 ] أغفى ، قام إليه بفأس ، فضرب بها هامته ، فقتله ، وأخذ ما كان عليه من ثياب وحلىّ ، وألقى جيفته في النهر وبقر بطنه ، فأدخل فيه من أصول طرفاء كانت نابتة على النهر ليحبس [1] جثته في الموضع الذي ألقاها فيه ، فلا ينتقل [2] فيعرف ويطلب وما أخذ من سلبه ، وهرب على وجهه . وبلغ قتل يزدجرد رجلا من الأهواز كان مطرانا على مرو يقال له : إيليا ، فجمع من كان قبله من النصارى ، وقال : - « إنّ ملك الفرس قتل وهو ابن شهريار بن كسرى وإنّما شهريار ولد شيرين المؤمنة التي عرفتم حقّها وإحسانها إلى أهل ملَّتها وكانت بنت قيصر . ثم لهذا الملك عنصر في النصرانية مع ما نال النصارى في ملك جدّه من الشرف ، حتى بنى لهم البيع ، وشدّ [3] ملَّتهم ، فينبغي أن نجزى هذا الملك بقدر طاقتنا من الكرامة ، وقد رأيت أن أبنى له ناووسا وأحمل جثّته في كرامة ، حتى أجعلها فيه . » فقال النصارى : « أمرنا لأمرك تبع . » فأمر المطران ، فبنى له في جوف بستانه بمرو ناووس ، ومضى بنفسه ومعه نصارى [ 473 ] مرو حتى استخرج جثّة يزدجرد ، وكفّنها في تابوت ، وحمله ومن