- « من أنت ؟ » قال : « أنا بهمن جاذويه . » فنادى : « يا لثارات أبى عبيد وسليط وأصحاب الجسر . » ثم اجتلدا ، فقتله القعقاع . وجعلت خيل القعقاع ترد قطعا إلى الليل وينشط الناس ، فكأن لم يكن بالأمس [ 360 ] مصيبة ، وكأنّها استقبلوا قتالهم بقتل الحاجبي وللحاق القطع ، وانكسرت الفرس لذلك . ونادى القعقاع أيضا : « من ينازل ؟ » فخرج إليه رجلان أحدهما الفيرزان والآخر البندوان . فانضمّ إلى القعقاع الحارث بن ظبيان ، فبادر القعقاع الفيرزان فضربه ، فإذا رأسه مطروح ، وبادر ابن ظبيان البندوان فضربه ، فإذا رأسه كذلك ، وتورّدهم فرسان المسلمين ، وجعل القعقاع يقول : - « يا معشر المسلمين باشروهم بالسيوف فإنّما يحصد الناس بها . » فتواصى الناس واجتلدوا بها حتى المساء . فلم ير أهل فارس في هذا اليوم شيئا مما يعجبهم ، وأكثر المسلمون فيهم القتل ، ولم يقاتلوا في هذا اليوم على فيل ، لأنّ توابيتها تكسّرت بالأمس ، فاستأنفوا علاجها حين أصبحوا ، فلم ترتفع حتى كان من الغد . وفي هذا اليوم حمل بنو عمّ القعقاع عشرة عشرة من الرجّالة على إبل قد ألبسوها ، فهي مجلَّلة مبرقعة ، [ 361 ] وأطافت بهم خيولهم فحموهم ، وأمرهم أن يحملوها على خيلهم بين الصفّين يتشبّهون بالفيلة ، ففعلوا بهم يوم أغواث كما فعلت فارس يوم أرماث . فجعلت الإبل لا تصمد لقليل ولا كثير إلَّا نفرت خيلهم ، وركبتهم سيوف [1] المسلمين . فلمّا رأوا ذلك استنّوا بهم ، فلقى أهل
[1] . مط : خيول المسلمين . الطبري : إلَّا نفرت « بهم » خيلهم وركبتهم « خيول » المسلمين ( 5 : 2309 ) .