رستم بالرجال . فلما نزل رستم بساباط قال الرجل الذي بساباط : « نزل ! » وقال الذي يليه ، ثم الذي يليه ، حتى يقوله من يلي الإيوان ويسمعه يزدجرد . فكان كلَّما ارتحل ، أو نزل ، أو حدث أمر ، جرى الأمر فيه على ما شرحته ، وترك البرد . وكان ذلك شأنه إلى أن انقضى الحرب . وكان بسعد حبون [1] وخراجات يومئذ لا يستطيع أن يركب . فإنّما هو على وجهه ، في صدره وسادة وهو مكبّ عليها ، مشرف على الناس من القصر ، يرمى بالرّقاع فيها أمره ونهيه إلى خالد بن عرفطة ، وكان الصف إلى جانب القصر . فشغّب قوم من وجوه الناس على سعد ، ولم يرضوا بما صنع خالد . فهمّ بهم سعد وشتمهم . ثم خطبهم ، واعتذر إليهم ، فرضوا ، وأمر الرؤساء حتى خطبوا في من يلونهم ، ففعلوا ، وتحاضّوا وتواصوا . فأما الفرس فإنّهم تعاهدوا ، وتواصوا ، واقترنوا بالسلاسل . فكان المقترنون ثلاثين ألفا ، وجملتهم مائة وعشرون ألفا ، وثلاثون فيلا عليها المقاتلة ، [ 355 ] وفيلة عليها الملوك وقوف لا تقاتل . يوم أرماث وأمر سعد فقرئ سورة الجهاد . وقال سعد : - « إني مكبّر ، فإذا سمعتم التكبيرة الأولى فشدّوا شسوع نعالكم ، فإذا كبّرت الثانية فتهيّأوا ، فإذا كبّرت الثالثة فشدّوا النواجذ على الأضراس واحملوا . » فلمّا فرغ القرّاء ، كبّر سعد وكبّر الناس ، ثم ثنّى فتهيّأ الناس ، ثمّ ثلَّث فبرز أهل النجدات فأنشبوا القتال .
[1] . مط : « جنون » - وهو خطأ - و « جراحات » . وفي حواشي الطبري : حبوب ، جنون ! ( 4 : 2287 ) . والحبون جمع مفرده الحبن : الدمّلة المقيّحة . والخراجات ومفردها الخراجة : كل ما يخرج بالبدن كالدّمّل .