والحظوة ، فأتمم - تمّم الله لك - ولا يدخلنّك عجب فتخسر وتخذل ، وإياك أن تدلّ بعمل ، فإنّ الله له المنّ وهو ولىّ الجزاء ، فاستخلف المثنّى بن الحارثة بالعراق ، فإذا فتح الله على المسلمين الشام فارجع إلى عملك بالعراق . » فقال خالد : « كيف لي بطريق أخرج فيه من وراء جموع الناس . » فجمع الأدلَّاء وأهل الخيرة ، فكلَّهم قالوا : - « لا نعرف إلَّا طريقا لا يحمل جيشا ، يأخذه الفذّ والراكب [1] . » ونهوه أن يغرّر بالمسلمين . فعزم عليه ، ولم يجبه [ 317 ] أحد إلَّا رافع بن عميرة على تهيّب شديد . فقام فيهم وقال : - « يا قوم لا يخلفنّ [2] هديكم ، ولا يضعفنّ يقينكم ، واعلموا أنّ المؤونة تأتى على قدر النيّة ، والأجر على قدر الحسبة . » فأجابه نفر ، وقالوا لخالد : - « أنت رجل مصنوع لك ، فشأنك [3] . » فطابقوه ونووا ، واحتسبوا . فقال لهم رافع : - « تروّوا للشفة لخمس . » فظمّأ كلّ قائد من الإبل الشرف الجلال ما يكتفى به ، ثم سقوها العلّ بعد النهل ، ثمّ صرّوا آذان الإبل وكعّموها وخلَّوا أدبارها .
[1] . كذا في مط . وفي الطبري : الفذّ الراكب ( 4 : 2112 ) . [2] . كذا في مط ، وفي الطبري : لا يختلفنّ . [3] . وفي الطبري : أنت رجل قد جمع الله لك الخير فشأنك .