قالوا : « هات ما الرأي ؟ » قال : - « إنّ [1] أبا بكر لم يبعثنا إلَّا وهو يرى أنّا سنتياسر ، ولو علم بالذي كان ويكون لقد جمعكم . إنّ الذي أنتم فيه أشدّ على المسلمين ممّا غشيهم ، وأنفع [2] للمشركين من أمدادهم . ولقد علمت أنّ الدنيا فرّقت بينكم ، فاللَّه الله في دينكم ، فقد أفرد كلّ رجل ببلد من البلدان لا ينتقصه منه أن دان لأحد من أمراء الجنود ، ولا يزيده أن دانوا له . إنّ تأمير بعضكم لا ينقصكم عند الله ولا عند خليفة رسول الله ، هلمّوا ، فإنّ هؤلاء قد تهيّئوا ، وهذا يوم له ما بعده ، إن رددنا القوم إلى خندقهم اليوم لم نزل نردّهم . وإن هزمونا لم نفلح بعدها . فهلمّوا ، فلنتعاور الإمارة ، فليكن عليها بعضنا اليوم ، والآخر غدا ، والآخر بعد غد حتى يتأمّر كلَّنا . دعوني ألكم [3] اليوم . » فأمّروه وهم يرون أنّها كخرجاتهم قبل قدوم خالد [ 312 ] وأنّ الأمر طويل والإمارة تصل إلى كلّ واحد منهم . فخرجت الروم في تعبئة لا يكون أحسن منها ، ولم ير المسلمون مثلها قطَّ . وخرج خالد في تعبئة لم تعبّ مثلها العرب . وذلك أنّه لمّا رأى كثرة عدد الروم ، قال :
[1] . سقط من مط : « إنّ أبا بكر . . . أشدّ على » . [2] . في الأصل : أنقع . وما أثبتناه مطابق لما في مط والطبري 4 : 2092 . [3] . مط والطبري : « أليكم » والصحيح ما في الأصل ، لأنّ الفعل [ إلى ] مجزوم هنا جوابا لشرط متصيّد مما قبل كما يقول النحاة .