[ 298 ] وكتب إلى جميع المرتدّة كتبا بليغة بالإعذار والإنذار والترغيب والترهيب ، ونفذت الرسل أمام الجنود بالكتب ونفذ خالد إلى طليحة ، فهزمه وفضّ خيله . وكان طليحة ارتدّ في حياة رسول الله - صلى الله عليه - وادعى النبوّة . فوجه النبىّ - صلى الله عليه - ضرار بن الأزور عاملا على بنى أسد وأمرهم بالقيام في ذلك على كلّ من ارتدّ فأشجوا طليحة وأخافوا ونقص أمره ، حتى لم يبق إلَّا أخذه سلما . سوى أنّه كان ضرب ضربة بالجراز ، فنبا عنه . فشاعت في الناس وأتى المسلمين - وهم على ذلك - موت نبيّهم . وقال ناس : - « إنّ السلاح لا يعمل في طليحة . » فقوى أمره ونقص أمر المسلمين لذلك ، حتى إنّهم قالوا عرفنا [1] ذلك في أنفسنا يوم ورد علينا الخبر بوفاة رسول الله - صلى الله عليه . وقام عيينة بن حصين بنصره ، وقام في غطفان فقال : - « ما أعرف حدود غطفان منذ انقطع ما بيننا وبين بنى أسد ، وإنّى مجدّد الحلف الذي كان بيننا في الجاهلية ، ومتابع [ 299 ] طليحة ، والله لأن نتبع نبيا من الحليفين أحبّ إلينا من أن نتبع نبيّا من قريش . » وقد مات رسول الله - صلى الله عليه - وبقي طليحة ، فطابقوه على رأيه . فلمّا قوى أمر طليحة واستفحل ، هرب ضرار وأصحاب النبي - صلى الله عليه - وطاروا كلّ مطار . قال ضرار بن الأزور : « فما رأيت أحدا - ليس رسول الله - أملأ لحرب شعواء من أبى بكر ، لجعلنا نخبره ولكأنّما نخبره بما له ، لا عليه . »
[1] . كذا في مط . وما في الأصل : عرقنا . وفي الطبري ( 4 : 1892 ) : حتى عرفوا النقصان .