- « أرسل ما استودعك النعمان من السلاح وغيره . » وكان ثمانمائة درع . فأبى هانئ أن يسلَّم خفارته . فلمّا منعها هانئ غضب كسرى ، وأظهر أنّه يستأصل بكر بن وائل وعنده يومئذ النعمان بن زرعة التغلبي - وهو يحبّ هلاك بكر بن وائل - فقال لكسرى : - « يا خير الملوك ، أدلَّك على غرّة بكر بن وائل ؟ » قال : « نعم . » قال : « أمهلها حتّى تقيظ [1] ، فإنّهم يجتمعون إلى مآلهم يقال له : ذو قار ، فيتساقطون عليه تساقط الفراش في النار ، فتأخذهم كيف شئت ، وأنا أكفيكهم . » فترجم له ، فأقرّهم ، حتى إذا قاظوا جاءت بكر بن وائل ، فنزلت حنو ذي قار ، وهو على ليلة من ذي قار [2] . فأرسل إليهم كسرى النعمان بن زرعة أن : اختاروا واحدا من ثلاث خصال . فنزل النعمان على هانئ وقال : « أنا رسول الملك إليكم ، أخيّركم في ثلاث [ 253 ] خصال : إمّا أن تعطوا بأيديكم فيحكم الملك فيكم بما شاء ، وإمّا أن تدعوا الديار ، وإمّا أن تأذنوا بحرب . » فتآمروا ، فولَّوا أمورهم حنظلة بن ثعلبة بن سيّار العجلي ، وكانوا يتيمّنون به ، فقال : - « لا أرى إلَّا القتال ، لأنّكم إن أعطيتم بأيديكم ، قتلتم ، وسبيت ذراريكم ، وإن هربتم قتلكم العطش ، وتلقّاكم تميم فتهلككم ، فآذنوا الملك بحرب . » فبعث الملك كسرى إلى إياس ، وإلى الهامرز [3] التستري ، وكان مسلحه [4]
[1] . قاظ اليوم : اشتدّ حره . قاظ القوم بالمكان : أقاموا به أيام الحرّ . [2] . ذو قار : ماء لبكر بن وائل قريب من الكوفة ( مع ) . [3] . Hamerz = . [4] . المسلح ، والمسلحة : كلّ موضع مخافة يقف فيه الجند بالسلاح للمراقبة والمحافظة . القوم المسلَّحون في ثغر ، أو مخفر للمحافظة . ترجمة لكلمة « زينستان » الفارسية المركبة من « زين » ( بالفهلوية : Zen ) أي السلاح ، و « ستان » أي المكان ( حب ) .