ملكهم [ 231 ] المقتول أحد ، ولا منحوا الطاعة ، غير أنّهم قتلوا الملك الذي ملَّكوه بعد أبيه المسمّى فوقا [1] لما ظهر من فجوره وسوء تدبيره ، وملَّكوا عليهم رجلا يقال له : هرقل [2] . فلمّا رأى هرقل عظيم ما فيه بلاد الروم من تخريب جنود فارس إيّاها ، وقتلهم مقاتلتهم ، وسبيهم ذراريّهم ، واستباحتهم أموالهم ، تضرّع إلى الله ، وأكثر الدعاء والابتهال . فيقال : إنّه رأى في منامه رجلا ضخم الجثّة رفيع المجلس ، عليه [ بزّة ، قائما في ناحية عنه ] [3] ، فدخل عليهما داخل ، فألقى ذلك الرجل عن مجلسه وقال لهرقل : - « إني قد سلَّمته في يدك . » فلم يقصص رؤياه تلك في يقظته على أحد حتى توالت عليه أمثاله . فرأى بعض لياليه : كأنّ رجلا دخل عليهما وبيده سلسلة طويلة ، فألقاها في عنق صاحبه ، أعنى صاحب المجلس الرفيع عليه [4] ، ثم دفعه إليه وقال له : - « ها قد دفعت إليك كسرى برمّته . » فلمّا تتابعت هذه الأحلام ، قصّها على عظماء الروم وذوى العلم منهم ، فأشاروا [ 232 ] عليه أن يغزوه . فاستعدّ هرقل ، واستخلف ابنه على مدينة قسطنطينية ، وأخذ عن الطريق الذي فيه شهريار صاحب كسرى ، وسار حتى وغل في بلاد أرمينية ، ونزل نصيبين سنة ، وقد كان صاحب ذلك الثغر من قبل كسرى قد استدعى لموجدة كانت من كسرى عليه . وأمّا شهربراز فقد كانت كتب كسرى ترد عليه في الجثوم على الموضع الذي هو به [ وترك البراح منه ] [5] . ثم بلغ
[1] . في الأصل والطبري : قوفا ، وما أثبتناه من مط . وهو معرّب Phocas ( C . I . S ) . [2] . Heraclius . [3] . العبارة سقطت من الأصل ، فأضفناها من الطبري . [4] . الرفيع عليه : كذا في الأصل ومط . [5] . في الأصل ومط : « ونزل البراح » وما أثبتناه من الطبري .