وأيضا : ركب ذات يوم في أوان إيناع الكرم إلى ساباط [1] المدائن [ 218 ] وكان ممرّه على بساتين وكروم . فاظَّلع [2] بعض أساورته في كرم ، فرأى فيه حصرما فأصاب منها عناقيد ، ودفعها إلى غلامه وقال : - « اذهب بها إلى المنزل ، واطبخها بلحم ، واتخذ منها مرقة ، فانّها نافعة في هذا الإبّان . » فأتاه حافظ ذلك الكرم ، فلزمه وصرخ . فبلغ اشفاق الرجل من عقوبة هرمز على تناوله من ذلك الكرم ، أن دفع إلى حافظ الكرم منطقة [3] محلَّاة بذهب كانت عليه ، عوضا له من الحصرم الذي رزأه [4] من كرمه ، وافتدى بها نفسه ، ورأى أنّ قبض الحافظ إيّاها منه ، وتخليته عنه ، منّة من بها عليه [5] . فهذه كانت سيرة هرمز في العدل والضبط والهيبة ، وكان مظفّرا منصورا لا يمدّ يده إلى شيء إلَّا وأتاه ، وكان مع ذلك أديبا ، داهيا ، إلَّا عرقا قد نزعه [6] أخواله من الترك . فكان لذلك مقصيا للأشراف وأهل البيوتات والعلماء . وقيل : إنّه قتل ثلاثة عشر ألف رجل وستمائة رجل . ولم يكن [ له رأى ] [7] إلَّا في [ تألَّف ] [8] السفلة واستصلاحهم . وحبس خلقا من العظماء ، وحطَّ [ 219 ] مراتب خلق ، وقصّر [9] بالأساورة ، [ ففسدت ] [10] عليه نيات جنده من الكبراء ، [ واتصل ] [11] ذلك بما جناه على بهرام شوبين مما سنحكيه . فكان ذلك سبب
[1] . ساباط : قرية كانت قريبة من المدائن وهي - حسب معجم البلدان - ساباط كسرى ، بناها الملك بلاش ( ولاش ) ، ولذلك قد يسمى : بلاشآباذ . [2] . اظَّلع : مال . وفي مط والطبري : اطَّلع . [3] . المنطقة والمنطق : ما يشدّ به الوسط . [4] . رزأه ماله : أصاب منه شيئا فنقصه . [5] . أنظر الطبري 2 : 990 . [6] . نزعه عرق : أشبه أصله . [7] . الأصل غير واضح وما أثبتناه من مط . [8] . الأصل غير واضح ، وقرأناه بصعوبة . مط : ألف السلفة ! تألفه : تكلَّف ألفته وداراه . [9] . قصّر عن الأمر : تركه . قصّر في الأمر : تهاون فيه . قصّر في العطيّة : قلَّلها . [10] . الأصل غير واضح ، وما أثبتناه من مط . [11] . الأصل غير واضح وما أثبتناه من مط .