- « واعلموا أنّ لباس الملك ومطعمه مقارب للباس السوقة ومطعمهم ، وبالحرىّ أن يكون فرحهما بما نالا من ذلك واحدا . وليس فضل الملك على السوقة إلَّا بقدرته على اقتناء المحامد واستفادة المكارم . فإنّ الملك إذا شاء أحسن ، وليس السوقة كذلك . - « واعلموا أنّه يحقّ على الملك منكم أن يكون ألطف ما يكون نظرا ، أعظم ما يكون خطرا ، وألَّا يذهب حسن أثره في الرعيّة خوفه لها ، وألَّا يستغنى بتدبير اليوم عن تدبير غد ، وأن يكون حذره للملاقين أشدّ من حذره للمباعدين ، وأن يتّقى بطانة السوء أشدّ من اتّقائه عامّة السوء ، ولا يطمعنّ ملك في إصلاح العامّة إذا لم يبدأ بتقويم الخاصّة . - « واعلموا أنّ لكل ملك بطانة ، وأنّ لكل رجل من بطانته بطانة ، ثم لكلّ امرئ من بطانة البطانة بطانة ، حتى يجتمع في ذلك [ جميع ] [1] أهل المملكة ! فإذا أقام الملك بطانته على حال الصواب ، أقام كل امرئ منهم بطانته [ 117 ] على مثل ذلك حتى يجتمع على الصلاح عامّة الرعيّة . - « اعلموا أنّ الملك منكم قد تهون عليه العيوب ، لأنّه لا يستقبل بها إن [2] عملها حتى يرى أنّ الناس يتكاتمونها بينهم كمكاتمتهم إيّاه تلك العيوب . وهذا من الأبواب الداعية إلى طاعة الهوى ، وطاعة الهوى داعية إلى غلبته ، فإذا غلب الهوى اشتدّ علاجه من السوقة المغلوب [3] فضلا عن الملك الغالب . - « اتّقوا بابا واحدا طالما أمنته فضرّنى ، وحذرته فنفعني : احذروا
[1] . ما في [ ] زيادة من غ . [2] . في الأصل : وإن ( بزيادة الواو ) . [3] . يبدو أنّ تذكير الصفة باعتبار معنى « السوقة » المفرد . في مط أيضا : المغلوب .