وتقتل عدوّك . » فأعطاه حاجته ، وجهّزه بصنوف الثياب وغيرها . فرجع بذلك كلَّه إلى الزبّاء [ 92 ] فعرضه عليها . فأعجبها ما رأت ، وازدادت به ثقة ، وإليه طمأنينة ، ثمّ جهّزته بأكثر ممّا كانت جهّزته به . فسار حتّى قدم العراق ، ولقى عمرو بن عدىّ ، وحمل من عنده ما ظنّ أنّه موافق للزبّاء ، ولم يترك جهدا ولا حيلة في طرفة ولا متاع قدر عليه إلَّا حمله إليها . ثمّ عاد الثالثة إلى العراق . فقال لعمرو : - « اجمع إلىّ ثقات قومك وأصحابك وجندك ، وهيّئ لي الغرائر [1] والمسوح [2] . » وحمل كلّ رجلين في غرارتين ، وجعل معقد رؤوس الغرائر من باطنها ، وقال : - « إذا دخلنا مدينة الزبّاء ، أقمتك على باب نفقها ، وخرجت الرجال من الغرائر ، فصاحوا بأهل المدينة ، فمن قاتلهم قتلوه ، وإذا أقبلت الزبّاء تريد النفق ، حلَّلتها بالسيف . » ففعل عمرو بن عدي جميع ذلك . فلمّا قرب من المدينة ، تقدّم قصير إليها ، وبشّرها ، وأعلمها كثرة ما حمل إليها من الثياب ، وسألها أن تخرج فتنظر إلى قطرات تلك الإبل ، وما عليها من الأحمال . وكان قصير يكمن النهار ويسير بالليل . فخرجت الزبّاء فأبصرت [ 93 ] الإبل . فلمّا توسّطت الإبل المدينة أنيخت ، ودلّ قصير عمرا على باب النفق ، وخرجت الرجال من الغرائر ، وصاحوا بأهل المدينة ، ووضعوا فيهم السلاح . وقام عمرو بن عدىّ بباب النفق ، وأقبلت الزبّاء مبادرة تريد النفق لتدخله . فأبصرت عمرا قائما ، فعرفته بالصورة التي صوّرها المصوّر ، فمصّت خاتمها وكان فيه سمّ ، وقالت :
[1] . الغرائر : جمع مفرده الغرارة ، وهي وعاء من الخيش يوضع فيه القمح ونحوه ، وهو أكبر من الجوالق . [2] . المسوح : جمع المسح : الكساء من شعر .