في مأمنه ، أمر باتخاذ فيلة من نحاس مجوّفة ، وربط خيله بين تلك التماثيل حتى ألفتها ، ثم أمر فملئت نفطا وكبريتا ، وألبسها الدروع ، وجرّت على العجل إلى المعركة ، وبين كلّ تمثالين منها [1] جماعة من أصحابه . فلما نشبت الحرب ، أمر بإشعال النيران في أجواف التماثيل ، فلما حميت ، انكشف أصحابه عنها ، وغشيتها [2] الفيلة ، فضربتها بخراطيمها ، فنشطت وولَّت مدبرة راجعة [3] على أصحابها ، وصارت الدبرة على ملك الهند . حيلة أخرى له ومما يحكى أيضا عنه : أنه كان نزل على مدينة حصينة . فتحصن منه أهلها وعرف [4] خبرها ، فأعلم أنّ فيها من الميرة والعيون المنفجرة كفايتهم . فدسّ [5] تجّارا [ 69 ] متنكرين ، وأمرهم بدخول المدينة ، وأمدّهم بمال على سبيل التجارة ، وتقدم إليهم ببيع ما معهم ، وابتياع ما أمكنهم من الميرة ، والمغالاة بها . ففعل التجار ذلك ، ورحل الإسكندر عنهم . فلم يزل التجار يشترون الميرة ، إلى أن حصل في أيديهم أكثره . فلما علم الإسكندر ذلك ، كتب إليهم أن أحرقوا الميرة التي في أيديكم واهربوا . ففعلوا ذلك ، وزحف الإسكندر إليها ، فحاصرهم أياما يسيرة ، فأعطوه الطاعة ، وملك المدينة . وكان أيضا إذا انصرف عن مثل هذه المدينة ، شرّد من حولها من أهل القرى [6] ، وتهدّدهم بالسبي ، حتى خرجوا هاربين معتصمين بالمدينة ، فلا يزال بذلك حتى يعلم أنّه قد دخلها أضعاف أهلها وأسرعوا في الميرة ، فيرجع حينئذ ، فيحاصرهم ، ويفتح المدينة .
[1] . مط : فيها . [2] . مط : وغشّها . [3] . راجعة : سقطت من مط . [4] . مط : وتعرف . [5] . مط : فدبر . [6] . القرى : سقطت من مط .