فصنع ثم نصب على صخرة عظيمة على شفير الوادي ، وكتب في صدره بالمسند [1] : « هذا الصنم لياسر أنعم [2] الحميري ، ليس وراءه مذهب ، فلا يتكلَّفن ذلك أحد فيعطب . » تبّع ثم ملك بعد تبّع . وهو تبان [3] ، وهو أسعد ، وهو أبو كرب بن مليكيكرب ، تبّع بن زيد بن عمرو بن تبّع ذي الاذعار بن أبرهة تبّع ذي المنار بن الرائش بن قيس بن صيفي بن سبأ . وكان تبّع هذا في أيام بشتاسف وأردشير بهمن بن إسفنديار بن بشتاسف . خرج وغزا ، وبلغ الأنبار ، والموصل ، ثم آذربيجان [4] ، ولقى بها الترك ، فهزمهم ، وقتل بها المقاتلة ، وسبى الذريّة ، فأقام بها دهرا ، وهابته الملوك ، وأهدت إليه ، وقدم عليه رسول ملك الهند بالهدايا والطرف من الحرير والمسك ، [ 60 ] وسائر الطرف ، فرأى ما لا يرى مثله . فقال : « ويحك ! أكلّ هذا في بلادكم ؟ » فقال : أبيت اللعن [5] ، هذا أقلّ ما ترى في بلادنا ، وأكثره في بلاد الصين . » ووصف له بلاد الصين ، وسعتها وخصبها . فآلى ليغزونّها ، وسار بحمير ، حتى أتى الصين في جمع عظيم ، حتى دخلها ، فقتل مقاتلتها ، واكتسح ما وجد فيها . ويزعمون أنّ مسيره إليها كان - ومقامه بها ورجعته منها - في سبع سنين . وخلَّف
[1] . اسم لخط الحمير باليمن ( مو ) . [2] . مط : ناش النعم ! [3] . مهملة النقط في الأصل ، وضبطناها حسب الطبري ( 2 : 684 ) . وما في مط : ييان . انظر أيضا المفصّل 1 : 547 . [4] . بالفهلوية : Aturpatakan ( حب ، ف ) . [5] . أبيت اللعن : من تحيات الملوك في الجاهلية ، معناها : أبيت أن تأتى من الأمور ما تلعن عليه وتذمّ بسببه ( لع ) .