وإنّما ذكرتهم في هذا الموضع ، لاتصال ذلك بذكر [1] منوشهر ، وأنّ الفرس تدّعى أنّ ملوك اليمن كانت عمّالا لملوك الفرس بها ، وأنّ الرايش كان من قبل منوشهر يغزو الترك وغيرهم . والعرب تنكر ذلك ، وتزعم أن ملكهم لم يكن قطَّ من قبل أحد ، وإنّما كانوا برؤوسهم . ظهور موسى في أيّام منوشهر وفي أيّام منوشهر [ 27 ] ظهر موسى - صلَّى الله عليه - ويقال : إنّ عمره - عليه السلام - كان مائة وعشرين سنة ، منها في أيام أفريذون عشرون سنة ، وفي أيام منوشهر مائة سنة . وكان من حديث موسى مع فرعون وما أنزل من الآيات على يده ، ما هو مشهور . وقد اعتذرنا من ذكر هذه الأخبار وتركها . ثم كان من حديث التّيه [2] ما كان ، إلى أن أخرج بني إسرائيل منه يوشع بن نون بعد موت موسى ، وغزا الكنعانيين ، ونفاهم إلى السواحل ، وافتتح مدينة الجبّارين . فيقال إنّ إفريقس بن قيس بن صيفي بن كعب بن زيد بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان مرّ بهم متوجها إلى إفريقية [3] ، فاحتملهم من سواحل الشام ، حتى أتى بهم إفريقية ، فافتتحها ، وقتل ملكها جرجيرا [4] ، وأسكنها البقية التي كانت بقيت من الكنعانيين الذين كان احتملهم من سواحل الشام ، فهم البرابرة . وإنّما سمّوا بذلك لأنّ إفريقس [ 28 ] قال لهم : « ما أكثر بربرتكم ! » فسمّوا بذلك « بربرا » [5] . وكان إفريقس هذا عاملا لمنوشهر على ما تزعم الفرس . وكان تدبير يوشع أمر
[1] . مط : بذكر . [2] . التيه : حيث تاه بنو إسرائيل ، أي حاروا ، ولم يهتدوا للخروج منه . [3] . مط : فريقيّه . [4] . مط : جرجيز . وفي الطبري : جرجير . [5] . بربر : ثرثر ، فهو بربار ، أي : ثرثار . وفي لغة الإغريق والرومان : barbares الأجنبي ( حب ) .