قال : « فاخلع صاحبك ، حتى أخلع صاحبي ، ثم نتّفق . » فاجتمعا على ذلك ، وخرجا إلى الناس ، وقالا : - قد اتّفقنا . فقال أبو موسى لعمرو : « تقدّم ، فاخلع صاحبك بحضرة الناس . » فقال عمرو : « سبحان الله ! أتقدّم عليك وأنت في موضعك وسنّك وفضلك ؟ تقدّم أنت . » فقدّمه ، فقال أبو موسى : - « إنّا - والله ، أيها الناس - قد اجتهدنا رأينا ، ولم نأل [1] الإسلام وأهله خيرا ، ولم نر أصلح لهذه الأمة من خلع هذين الرجلين ، وقد خلعت عليّا ومعاوية كخلع خاتمي هذا . » فقام عمرو ، فقال : - « لكنّى خلعت صاحبه عليّا كما خلع ، وأثبتّ معاوية . » فلم يبرحا حتى استبّا . ذكر من خالف علىّ بن أبي طالب في رأيه ، وأشار بالحرب عليه ، وما كان من جوابه واعتذاره لما انصرف علىّ بن أبي طالب من صفّين ، كثر خوض الناس ، وخالفه القوم الذين صاروا خوارج ، وكانوا طول طريقهم يتدافعون ، ويتضاربون بالسياط . فلما صاروا إلى النّخيلة [2] ورأوا سور الكوفة لقيه عبد الله بن وديعة الأنصاري ، ودنا منه ، وسلَّم عليه ، وسايره ، [ 22 ] فقال له : - « ما سمعت الناس يقولون في أمرنا ؟ »
[1] . لم نأل : لم نعط . وذلك من قولهم : « ألا ( يألو ، ألوا وأليّا ) فلانا الشيء : أعطاه إيّاه » . [2] . النخيلة ( تصغير نخلة ) : موضع قرب الكوفة على سمت الشام ( مع ) .