أنفسكم على المنازلة والمبارزة ، والمبالطة [1] ، والمعانقة ، واثبتوا ، واذكروا الله كثيرا ، لعلَّكم تفلحون ، ولا تنازعوا فتفشلوا ، وتذهب ريحكم ، واصبروا إنّ الله مع الصابرين [2] ، اللَّهمّ ألهمهم الصبر ، وأنزل عليهم النصر ، وأعظم لهم الأجر . » اقتتلوا ولكلّ فئة أحد عشر صفا ولما أصبح علىّ في ميمنته وميسرته ، ومعاوية في مثل ذلك ، وبايع رجال من أهل الشام على الموت ، فعقلوا أنفسهم بالعمائم . فكان المعقّلون [3] خمسة صفوف ، وكانوا يخرجون ويصفون أحد عشر صفا ، ويخرج أهل العراق أحد عشر صفا . [ 579 ] فخرجوا أول يوم من صفر ، واقتتلوا ، وعلى من خرج يومئذ من الكوفة الأشتر ، وعلى أهل الشام حبيب بن مسلمة ، وذلك يوم الأربعاء ، فاقتتلوا عامة نهارهم . ثم تراجعوا وقد انتصف بعضهم من بعض . فلما كان اليوم الثاني ، خرج هاشم بن المرقال . وخرج إليه أبو الأعور السلمى في خيلهما ورجالهما ، فاقتتلوا عامة نهارهم ، وصبر بعضهم لبعض . وخرج اليوم الثالث عمار بن ياسر . وخرج إليه عمرو بن العاص في خيلهما ورجلهما فاقتتلوا كأشدّ ما يكون القتال ، وكان مع عمار زياد بن النضر [4] على الخيل ، فأمره عمار أن يحمل ، فحمل في خيله وصبر له الناس ، وشدّ عمار في الرجال ، فأزال ابن العاص عن موقفه ، ثم انصرف كلّ واحد عن صاحبه وتراجع الناس . وخرج اليوم الرابع محمد بن علىّ ، وهو ابن الحنفية ، فخرج إليه عبيد الله بن عمر في جمعين عظيمين ، فاقتتلوا كأشدّ القتال :
[1] . المبالطة : التحارب بالسيوف . [2] . س 8 الأنفال : 45 ، 46 . [3] . مط : معقولون . [4] . ما في الأصل غير واضح ، فأثبتناه كما في مط والطبري ( 6 : 3284 ) .