- « إنّ الذي طلب الملك ليس عندي . » وقال لزيد : - « اعذرنى عنده . » فلما رجعا إلى كسرى ، قال زيد للرسول الذي جاء معه : - أصدق الملك ، الذي سمعت منه ، فإنّى سأحدّثه بحديثك ، ولا أخالفك فيه . » فلمّا دخلا [ 250 ] على كسرى قال زيد : « هذا كتابه . » فقرأه عليه . فقال كسرى : « فأين ما كنت خبّرتنى به ؟ » فقال : « قد كنت أخبرتك بضنّهم بنسائهم على غيرهم ، وإنّ ذلك من شقائهم : اختيارهم الجوع والعرى على الشبع والرياش ، واختيارهم السّموم والرياح على طيب أرضك هذه ، حتى إنّهم ليسمّونها السجن ، فسل هذا الرسول معي عن الذي قال ، فإنّى أكره أن أحكى للملك قوله أو أردّ عليه ألفاظه . » فقال للرسول : « ما قال ؟ » قال : « انّه قال - أيّها الملك - : أما في بقر السواد ما يكفيه حتى يطلب ما عندنا ؟ » فعرف الغضب في وجهه ، ووقع في قلبه منه ما وقع ، ولكنّه قال : - « ربّ عبد قد قال هذا ، فصار أمره إلى التباب . » كسرى يدعو النعمان وهو يحمل السلاح وشاع هذا الكلام ، فبلغ النعمان وسكت كسرى على ذلك أشهرا ، وجعل النعمان يستعدّ ويتوقّع حتّى أتاه كتابه أن : - « أقبل ، فإنّ للملك إليك حاجة . » فانطلق حين أتاه كتابه ، فحمل سلاحه وما قوى عليه ، ثمّ لحق بجبلي طيّء ، وكانت عنده فرعة بنت سعد بن حارثة بن لأم [ 251 ] وقد ولدت له رجلا وكانت