فقوى الناس في معايشهم ، وألزموا الناس الجزية ما خلا أهل البيوتات ، والعظماء ، والمقاتلة ، والهرابذة ، والكتّاب ، ومن كان في خدمة الملك . وصيّروها على طبقات : اثنى عشر درهما ، وثمانية ، وستّة ، وأربعة ، على قدر إكثار الرجل وإقلاله . ولم يلزموا الجزية من كان أتى له من السنين دون العشرين ، أو فوق الخمسين . عمر يقتدى بوضائع كسرى ورفعوا هذه الوضائع إلى كسرى . فرضيها ، وأمر بإمضائها ، والاجتباء عليها في ثلاثة أنجم كلّ سنة ، وسمّاها « أبراسيار » [1] - وتأويله : الأمر المتراضى به - وهي الوضائع التي اقتدى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بها حين افتتح بلاد الفرس ، وأمر باجتباء الناس من أهل الذمّة عليها . إلَّا أنّه وضع على كلّ جريب [2] غامر [3] على قدر احتماله مثل الذي وضع على الأرض المزروعة ، [ 187 ] وزاد على كلّ جريب أرض - مزارع حنطة أو شعير - قفيزا من حنطة إلى القفيزين ، ورزق منه الجند . ولم يخالف بالعراق خاصّة وضائع كسرى على جربان الأرض وعلى النخل والزيتون والجماجم ، وألغى ما كان كسرى ألغاه في معايش الناس .
[1] . أبراسيار : مهملة في الأصل ومط ، والإعجام من الطبري . في هامش الطبري : ابن ابسار ، ابرسيار ( 2 : 962 ) . أبراسيار تحريف للكلمة الفارسية « همداستانى » [ أي : اتفاق النظر والتصميم ] ، ويؤيّد ذلك أن الكلمة وردت في ترجمة البلعمي ( ص 250 ) بمعنى التراضي والإصلاح الضرائبى من قبل أنوشروان . أنظر الدكتور محمدي : « نظرة في المرجع » ، الدراسات الأدبية ، السنة الخامسة ، العدد الثاني ، ص 112 ، الحاشية 2 . [2] . الجريب : معرب « گرى » عشرة آلاف ذراع ( حب ) . [3] . أعجمنا العين كما في الطبري : غامر . والغامر خلاف العامر . الأرض الخراب .