قنطرة خرّبت أن تردّ إلى أحسن ما كانت عليه . وأمر بتسهيل سبل الناس ، وبنى في الطرق القصور والحصون ، وتخيّر الحكام والعمّال وتقدّم [1] إلى من ولَّى منهم أبلغ التقدّم ، وتقدّم بكتب سير أردشير ووصاياه ، فاقتدى بها وحمل الناس عليها [2] . فتوح أنوشروان فلما انتظمت له هذه الأمور واستوسق ملكه ووثق بجنده وقوّته ، سار نحو أنطاكية فافتتحها وأمر أن تصوّر له المدينة على ذرعها وطرقها وعدّة منازلها ، وأن يبنى على صورتها له مدينة إلى جانب المدائن ، فبنيت المدينة المعروفة بالروميّة . ثم حمل أهل أنطاكية حتى أسكنهم إيّاها . فلمّا دخلوا باب المدينة مضى أهل كلّ بيت منهم إلى ما يشبه منازلهم التي كانوا فيها بأنطاكية . ثم قصد لمدينة هرقل فافتتحها ، ثم الإسكندرية ، وأذعن له قيصر ، وحمل إليه الفدية . ثم انصرف من الروم وأخذ نحو الخزر ، فأدرك فيهم تبله [3] ، وما كانوا وتروه به [ 182 ] في رعيّته ، ثم نحو عدن ، فسكر [4] هناك ناحية من البحر بين [5] جبلين بالصخور وعمد الحديد . ثم سار إلى الهياطلة مطالبا لهم بدم فيروز ، بعد أن صاهر خاقان واستعان به . فأتاهم ، فقتل ملكهم ، واستأصل أهل بيته ، وتجاوز بلخ وما وراءها ، وأنزل جنوده فرغانة [6] . ثم انصرف إلى المدائن ، وبعث قوما إلى الحبشة في جند من الديلم . فقتلوا مسروقا الحبشي باليمن . وأقام مظفّرا منصورا
[1] . تقدم إليه : أمره . [2] . ومن وصاياه ، وعهده الذي تركه للملوك الآتين بعده . أنظر : ص 122 إلى 144 . [3] . التبل : الحقد والعداوة . [4] . سكره : سدّه . [5] . في الطبري : بين جبلين مما يلي أرض الحبشة بالسفن العظام والصخور وعمد الحديد والسلاسل ( 2 : 898 ) . [6] . فرغانة : ولاية على ساحل جيحون ( لج : 519 ) .