وزعموا : أنّهم يأخذون للفقراء من الأغنياء ويردّون من المكثرين على المقلَّين ، وأنّه من كان عنده فضل في المال والقوت ، أو النساء والأمتعة ، فليس هو أولى به من غيره . فافترص السفلة ذلك واغتنموه ، وكانفوا مزدك وأصحابه حتى قوى أمرهم . فكانوا يدخلون على الرجل في داره ، فيغلبونه على ماله ونسائه ، فلا يستطيعون الامتناع منهم . وقوّاهم قبول الملك رأيهم ، ودخوله معهم . فلم يلبثوا إلَّا قليلا حتى صار الرجل لا يعرف أباه ، ولا الأب ولده ، ولا يملك أحد شيئا ممّا يتّسع به . وصيّروا قباذ في مكان لا يصل إليه غيرهم فيه . فأجمعت الفرس - حين رأوا فساد الملك - على تمليك أخيه جاماسف بن فيروز . وقد حكى أيضا : أنّ المزدكيّة [ 169 ] هم الذين أجلسوا جاماسف ليكون الملك من قبلهم لا منّة لغيرهم عليهم ، إلَّا أنّ الحكاية الأولى أشبه بالحقّ . ذكر حيلة تمّت لأخت قباذ حتّى أخرجته من الحبس ثم إنّ أختا لقباذ أتت الحبس الذي كان فيه قباذ . فحاولت الدخول إليه ، فمنعها الموكّل الذي كان ثقة عليه ، وطمع أن يفضحها بذلك السبب وألقى طمعه فيها . فأخبرته أنّها غير مخالفة له في شيء مما يهواه منها . فأذن لها حتّى دخلت السجن وأقامت عند قباذ يوما . ثم أمرت فلفّ قباذ في بساط ، وحمل على عاتق غلام قوىّ ضابط كان معه في الحبس . فلمّا مرّ الغلام بوالي الحبس ، سأله عمّا يحمله . فأفحم ، فاضطرب . فلحقته أخت قباذ فأخبرته أنّه فراش كانت افرشته في عراكها [1] ، وأنّها إنّما خرجت لتتطهر وتنصرف . فصدّقها ولم يمس البساط ، ولم يدن منه استقذارا له على مذهبهم ، وخلَّى عن الغلام الحامل لقباذ . فمضى به ،