فكان له أثر حسن عند الفرس وعند ابني فيروز ، أعنى : بلاش وقباذ . فعظَّموه ورفعوا منزلته إلى حيث ليس بينه وبين الملك إلَّا مرتبة واحدة . فتولَّى سياسة الأمر بحنكة وتجربة ، واستوى على الأمر ، ومال إليه الناس واستخفّوا بقباذ ، وتهاونوا به . فلم يحتمل قباذ ذلك ، وكتب إلى سابور الرازي [1] - الذي يقال للبيت الذي هو منه مهران ، وكان اصبهبذ البلاد - في القدوم عليه في من قبله من الجند ، فقدم بهم سابور ، فواضعه قتال خاله سوخرا ، وأمره فيه بأمره ، على لطف وكتمان شديد خفىّ . فغدا سابور على قباذ ، فوجد عنده سوخرا جالسا . فمشى نحو قباذ مجاوزا له ، وتغفّل سوخرا . فلم يأبه سوخرا لإرب سابور ، حتى ألقى وهقا كان معه في عنقه ، ثم اجتذبه ، فأخرجه ، وأوثقه ، واستودعه السجن . فحينئذ ضربت الفرس المثل بأن قالوا : - « نقصت ريح سوخرا ، وهبّت ريح مهران » . ثم قتل قباذ سوخرا . فكان هذا رأيا تمّ على سكون ، ولم يضطرب فيه أمر . [ 168 ] سوء تدبير قباذ عند ظهور مزدك وزوال ملكه وكان ممّا أساء فيه التدبير والرأي حتّى اجتمعت كلمة موبذان موبذ وجماعة الفرس على حبسه وإزالة ملكه عنه . أنّه اتّبع رجلا يقال له « مزدك » ، مع أصحاب له يقال لهم : « العدليّة » . قالوا : « إنّ الله جعل الأرزاق في الأرض مبسوطة ليقسمها عباده بينهم بالتآسى ، ولكن الناس تظالموا . »