يحترف [1] [ 159 ] الناس في ملك الملك الجائر إلَّا بالجور ، وفي هذا هلاك الناس وخراب الأرض . » فأمدّ فيروز ، ودفع إليه الطالقان [2] . فأقبل فيروز من عنده بجيش طخارستان [3] وطوائف خراسان [4] ، وسار إلى أخيه هرمز بن يزدجرد وهو بالرىّ ، وكانت أمّهما واحدة ، وكانت بالمدائن تدبّر ما يليها من الملك ، فظفر فيروز بأخيه ، فحبسه وأظهر العدل وحسن السيرة ، وكان يتديّن ، إلَّا أنّه كان محارفا [5] مشؤوما على رعيته ، وقحط الناس في زمانه سبع سنين ، فأحسن فيها إلى الناس ، وقسم ما في بيوت الأموال وكفّ عن الجباية ، وساسهم أحسن سياسة . ويقال : إنّ الأنهار غارت في مدّة هذه السبع السنين ، وكذلك القنىّ والعيون ، وقحلت [6] الأشجار والغياض [7] ، وتماوتت الوحوش والطيور ، وجاعت الأنعام والدوابّ ، حتى كانت لا تطيق أن تحمل حمولة ، وعمّ أهل البلاد الجهد [8] والمجاعة . حسن سياسة من فيروز فبلغ من حسن سياسة فيروز لذلك الأمر [ 160 ] أن كتب إلى جميع أهل رعيّته : أنّه لا خراج عليكم ولا جزية ولا سخرة ، وأنّه قد ملَّكهم أنفسهم وأمرهم
[1] . مط : لا يحترق . [2] . الطالقان مدينة على ثلاث منازل من مرو الروذ من جهة بلخ ، وكانت مدينة ذات أهمية في القرن الثالث الهجري ( لج : 449 ) . [3] . طخارستان : ولاية في شرقي بلخ على الساحل الجنوبي من جيحون تمتد إلى بدخشان ( لج : 453 ) . [4] . مط : خوارسان . [5] . المحارف : المجازى على الخير والشرّ . [6] . قحل : يبس . [7] . الغيضة : الأجمة : الموضع الذي يكثر فيه الشجر ويلتفّ . [8] . الجهد : المشقّة والفقر .