واحتمل سابور النضيرة بنت الضيزن ، فأعرس بها بعين التمر . فذكر أنّها لم تنم ، وتضوّرت [1] ليلتها من خشونة فرشها وهي من حرير محشوّة بالقزّ . فالتمس ما كان يؤذيها . فإذا ورقة آس ، ملتزقة بعكنة [2] من عكنها قد أثّرت فيها من لين بشرتها . فقال لها سابور : « ويحك ! بأىّ شيء كان يغذوك أبوك ؟ » فقالت : « بالزبد ، والمخّ ، وشهد الأبكار من النحل ، وصفو الخمر . » قال : « وأبيك لأنا أحدث عهدا بك ، وأوتر [3] لك من أبيك ، الذي غذّاك بما تذكرين . » فأمر رجلا ، فركب فرسا جموحا ، ثم عصب غدائرها بذنبه ، ثم استركضها ، فقطَّعها قطعا . [ 130 ] وقد أكثر الشعراء في ذكر الضيزن هذا ، وإيّاه عنى عدىّ بن زيد بقوله : < شعر > وأخو الحضر [4] ، إذ بناه وإذ دج لة تجبى إليه ، والخابور شاده مرمرا ، وجلَّله كل سا ، فللطَّير في ذراه وكور لم يهبه ريب المنون فباد ال ملك عنه ، فبابه مهجور [5] < / شعر > توالى ستة ملوك ومضت أيّام سابور ، وهي ثلاثون سنة ، حميدة . وفي أيّامه ظهر مانى
[1] . تضوّر : تلوّى وصاح من وجع الضرب والجوع ونحوهما . [2] . العكنة : ما انطوى تثنى من لحم البطن . [3] . الطبري : أوثر ، آثر . [4] . مط : الحصن . [5] . تجد الأبيات في الطبري ( 2 : 830 ) ، وفي الوفيات ( 7 : 245 ) ، وفي ديوان عدىّ : ( 84 ) .