أن يأخذوا مجالسهم ، ثم اقتلوا الرؤساء ، فإنّكم إذا قتلتموهم لم تكن السفلة شيئا . » وحضر الملك ، فقتل وقتل الرؤساء ، ثم شدّوا على البقيّة ، فأفنوهم . حدّة بصر اليمامة فهرب رجل من طسم يقال له : رياح بن مرّة ، حتى أتى حسان بن تبّع ، فاستغاث به . فخرج حسّان بن تبّع في حمير ، فلمّا كان من اليمامة على ثلاث ، قال له رياح : - « أبيت اللعن ، إنّ لي أختا متزوّجة في جديس يقال لها : اليمامة ، ليس على وجه الأرض أبصر منها . إنها لتبصر الراكب من مسيرة ثلاث ، وإني أخاف أن تنذر القوم ، فمر أصحابك ، فليقطع كلّ رجل منهم شجرة فيجعلها أمامه . » ففعلوا ذلك ، فأبصرتهم ، فقالت لجديس : - « لقد سارت حمير . » فكذّبوها وقالوا : - « ما الذي ترين ؟ » قالت : « أرى رجلا في شجر معه كتف يتعرّقها [1] أو نعل يخصفها . » فلم يستمعوا منها ، واستهانوا ، فكان كما قالت . وصبّحهم حسّان فأبادهم [ 97 ] وأخرب بلادهم ، وهدّم قصورهم وحصونهم . وأتى حسّان باليمامة ففقأ [2] عينها ، وقالت العرب في ذلك الأشعار ، وهي معروفة .
[1] . تعرّق العظم : أكل ما عليه من اللحم نهشا بأسنانه . [2] . فقأ العين : شقّها فخرج ما فيها .