ثمّ ملك أخوه عمرو بن فهم . ثمّ جذيمة الأبرش بن مالك بن فهم ، فقوى أمره ، وكان جيّد الرأي ، شديد النكاية في الأعداء [ 84 ] بعيد المغار . فاستجمع له الملك بأرض العراق ، وضمّ إليه العرب ، وغزا بالجيوش ، وعظَّمته العرب ، وكنت - عن برص به - ب « الأبرش » وب « الوضّاح » ، فكان تفد عليه الوفود ، وتجبى إليه الأموال . وكان عنده غلام من إياد يقال له : عدىّ بن نصر بن ربيعة ، وضيء ، له جمال وظرف ، يلي شرابه . فعشقته أخت جذيمة رقاش ، وما زالت تحتال ، وتواطئه ، حتّى زوّجها الملك بعدىّ في سكره . فوطئها من ليلته وعلقت [1] منه . فلما أصبح جذيمة وعرف الخبر ، ندم ندامة شديدة . وعرف عدىّ الخبر ، فهرب ، ولحق بإياد حتّى هلك . واشتملت رقاش على حبل ، فولدت غلاما وسمّته عمرا [2] . فترعرع الغلام وحسن وبرع ، فالبسته وحلَّته ، وأزارته خاله جذيمة ، فأعجب به ، وأحبّه ، وخلطه بولده ، وأمر فطوّق ، وهو أوّل عربىّ ألبس طوقا . ثمّ تزعم العرب أنّ الجنّ استهوته [3] زمانا إلى أن عاد إلى [ 85 ] جذيمة . وله خبر [4] . عمرو بن ظرب وكان قد ملك بأرض الحيرة ومشار [ ف ] [5] بلاد الشام ، عمرو بن ظرب بن حسّان العمليقى . فجمع جذيمة جموعه من العرب ليغزوه . وأقبل عمرو بن ظرب بجموعه من الشام . فالتقوا ، واقتتلوا قتالا شديدا ، فقتل عمرو بن ظرب ، وفضّت
[1] . علقت منه : أحبّها وشغف بها . علق بها وعلقها : أحبّها . علقت المرأة بالولد : حبلت ( لع ) . [2] . عمرو : يكتب بالواو للفرق بينه وبين عمر وتسقطها في النصب لأنّ الألف تخلفها ( لع ) . [3] . استهوى فلانا : أثّر فيه حتّى يتقبّل رأيه دون أن يقوم لديه دليل على صحّته . [4] . انظر الطبري ( 2 : 753 ) . [5] . في الأصل ومط « مشارق » ، والتصحيح من الطبري ( 2 : 756 ) .