نام کتاب : تاريخ اليعقوبي نویسنده : اليعقوبي جلد : 1 صفحه : 181
البحر ، فكانوا يصيرون من تلك الجزائر إلى مواضع فيها الثمار ليأكلوا منها ، فيجدون بها الوحوش ، ولم يزالوا كذلك حتى أنسوا بالوحوش ، وأنست بهم ، وكانوا ينزون عليها ، وربما نزت تلك على نسائهم فتأتي بينهم الخلق المشوهة . وباد القرن الأول وأتى قرن بعد قرن ، فذهبت عنهم لغاتهم ، وصاروا يتكلمون ما لا يفهم ، ففي الجزائر التي تجتاز منها إلى أرض الصين أمر عظيم من هذا الضرب ، وأمم كثيرة ، وكان يسمى عينان اسما تفسيره بالعربية خلقه الشر . وكان ملكه مائة سنة . ومنهم خرابات الذي ملك وهو حدث السن ، ثم احتنكت سنة ، فعلا أمره ، وحسن تدبيره ، ووجه بوفد من قبله إلى أرض بابل وما اتصل بها من بلاد الروم يتعرفون ما فيها من الحكمة والصنعة ، وحمل معهم من صنعة الصين وما يعمل بها من ثياب الحرير وغيره ، وما يؤتى به من تلك البلاد من الآلات وغيرها ، وأمرهم أن يحملوا إليه كل صنعة وظريفة من أرض بابل وبلاد الروم ، وان يتعرفوا شرائع دين القوم ، فكان ذلك أول ما دخل من متاع الصين إلى أرض العراق وما اتصل بها . وركب التجار بحر الصين للتجارة ، وذلك أن الملوك استظرفت ما أتاهم من متاع الصين ، فعملوا المراكب ، وحملوا فيها التجارة ، فكان ذلك أول دخول التجار إلى الصين . وكان ملك خرابات ستين سنة . ومنهم توتال ، وأهل الصين يقولون انهم وجدوا مكتوبا على أبواب مدنهم : انه لم يملكهم ملك قط مثله ، ورضوا به رضا لم يرضوا مثله بأحد قط ، وهو الذي سن لهم كل سنة هم عليها في أديانهم ، وأفعالهم ، وصناعاتهم ، وشرائعهم وأحكامهم . وكان ملكه ثمانيا وسبعين سنة ، فلما مات أقاموا يبكون عليه زمانا طويلا ، ويحملونه على أسرة الذهب وعجل الفضة ، ثم جمعوا له العود والعنبر والصندل وسائر الطيب ، وألهبوه بالنار ، وطرحوه فيها ، وجعل خاصته يلقون أنفسهم في تلك النار أسفا عليه ووفاء له ، وصار هذا سنة فيهم ، وجعلوا
181
نام کتاب : تاريخ اليعقوبي نویسنده : اليعقوبي جلد : 1 صفحه : 181