نام کتاب : تاريخ اليعقوبي نویسنده : اليعقوبي جلد : 1 صفحه : 108
مضيئة ، صافية ، طيبة المشم ، لينة ، لان الهواء لا يكون فيها غليظا ، فالشمس تحول بينه وبين أن يغلظ ، وصورة سكان هذه المدينة حسنة الألوان ، نيرة ضوية ، وأصوات رجالهم صافية حديدة ، يغضبون سريعا ، ونباتها وأعشابها أقوى وأصح ، وهي في ذاتها وهيئتها تشبه فصل الربيع في قلة الحر والبرد ، وأسقامها قليلة ضعيفة ، ونساؤها يعلقن كثيرا ، ويلدن بغير مشقة . والمدينة الرابعة سمت المغرب هي في كن من الرياح الشرقية ، وتهب إليها الرياح الحارة والباردة من ناحية الفرقدين ، فتكون كثيرة الأمراض ، ومياهها غير نقية ، ولا صافية ، وان علتها الهواء الكائن عند الأسحار ، وذلك أن أسحار هذه المدينة تطول جدا ، والشمس لا تشرق فيها أول ما تشرق ، حتى ترتفع وتعلو ، وتهب فيها رياح باردة في القيظ ، ويكون رجالها مصفارين ، مرضى تضيرهم الأمراض كلها ، وأصواتهم بح ونهارهم ردي في أيام الخريف لكثرة تغيره ، فهذا الباب الأول في المدن الأربع . والقول الثاني في المياه ، وهي أربعة أصناف : أولها المياه الراكدة ، مثل البطائح التي لا تجري ، والثاني العيون النابعة ، والثالث المياه التي تكون من الأمطار ، والرابع المياه التي تكون من الثلوج . قال ابقراط : المياه الظاهرة المستوية على وجه الأرض ، التي لا تجري ، والأمطار تمطر عليها ، وتقوم معها ولا تنزع ، والشمس دائمة الاشراق عليها ، والاحتراق بها ، فتكون ردية لا لون لها ، تولد المرة ، وتكون في الشتاء باردة جامدة ، كدرة بلغمية ، تورث من يشرب منها البحوحة والطحال . . . [1] وتكون بطونهم خاشنة ، وتهزل التراقي والوجوه وتنقحها ، ويكثر أهلها الطعم ، ويدفع ظمأهم وعطشهم ، ويلزمهم المرض في الشتاء والصيف ، ويعرض لهم الماء الأصفر ، ويعرض لهم في القيظ اختلاف الأغراس ، وحمى ربع طويلة مزمنة . .