نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 8
جملة من الآثار المهمة النادرة ، وقد أفادته الوراقة وانتساخ الكتب فائدة مزدوجة ، وذلك أنه استنفض جميع ما ورّقه من الكتب بالمطالعة ، فاتسعت مادته التأريخية من هذه الناحية ، أضف إلى ذلك وقوفه في دور الكتب - وما أكثرها في عهده - على كثير من الأمهات المطبوعة والمخطوطة ، فعكف على مطالعتها بحذافيرها حتى استخرج حقائق تأريخية كثيرة ممّا لا مظنة للتاريخ فيه من كتب الفقه والحديث والرجال ، فدلّ على عظم اجتهاده ومضاء عزيمته ، كما تسنى له التطواف في رقعة عريضة من سواد العراق ، فشاهد طائفة من المعالم والأطلال العراقية القديمة حيث قرن العلم بالعمل فيها ، ثم لمّا كان ممّن يميل إلى الاتساع في تاريخ العراق - من بعد انقراض الدولة العباسية - لا مناص له من التعويل على اللغة الفارسية إذ أن شطراً من تاريخ بلادنا إذ ذاك مدون بلغة الفرس ، لقيام الدولة الأجنبية الصرفة على أنقاض الدولة العباسية ، فقد مال البراقي إلى تتبع كتب التاريخ الفارسية بغية الاستفادة ممّا دون فيها من تاريخ العراق . وبالجملة كان جلّ همه مصروفاً إلى التاريخ ، فلذلك استقل واختص فيه ولم يشارك في شئ سواه من العلوم والفنون . . . اللهم إلاّ في علمي الأنساب والرجال لاتصالهما بذلك الفن ، فقد ضرب إليهما مؤرخنا بعرق عريق ، وقد كان ضيق العطل في اللغة العربية زهيد البضاعة في الإنشاء والترسل ، فلا مطمع لعشاق البلاغة والفصاحة في شئ من آثاره ، لأن لغته في أكثرها نمط وسط بين لغة العامة والفصحاء ، وفي آثاره أيضاً كثير من الحشو الذي لا يوافقه عليه ذوو العقول النيرة في هذا العصر ، وفيها أيضاً ما فيها من الخطأ في الاجتهادات والاستنتاجات التأريخية ، دع عنك ما يغلب عليها شأن أكثر الكتب القديمة من التشويش وسوء الترتيب والتبويب إلى هذا ونحوه ، على أن ذلك بأجمعه لا يغض من منزلة كتبه وآثاره الخطيرة بالقياس إلى فوائدها الجليلة . 2 - أخلاقه وأحواله : كنّا خلال أيام الطفولة نكثر من الاختلاف إلى دار إقامة السيد البراقي في النجف للاستظهار من القرآن المجيد ، فكانت داره لا تخلو من غروس مخضرة ومن شجرة ونخيلة قائمة ، وهناك شويهة مرتبطة ، وها هنا وحشية مقتنصة ، وثم طويرات جميلة تتطاير في فضاء الدار أو تتدافع في ساحتها الواسعة ، يتعهدها شيخ مشرق الوجه
8
نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 8