نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 480
النحويين يتوقف انتصار أهل بلده جميعاً . وإليك خلاصة المسألة الزنبورية ، كي يظهر لك مقدار اهتمام الملوك العباسيين في المسائل العلمية : كان الكسائي مقيماً في بغداد يعلّم الأمين ، واتفق أن سيبويه قدم إليها من البصرة ، فجمع الأمين بينهما في مجلس فتناظرا في أمور كثيرة ، من جملتها مسألة الزنبور والعقرب ، فذكر الكسائي من أمثال العرب مثلا رواه على هذه الصورة : كنت أظن أن الزبور أشدّ لسعاً من العقرب فإذا هو إياها . فقال سيبويه : ليس المثل كذلك بل : فإذا هو هي . وتشاجروا طويلا واتفقا على مراجعة عربي خالص لا يشوب كلامه شيء من كلام أهل الحضر . وكان الأمين شديد العناية بالكسائي لكونه معلمه ، فاستدعى عربياً وسأله فقال كما قال سيبويه ، فقال له : نريد أن تقول كما قال الكسائي . فقال : لساني لا يطاوعني على ذلك ، فإنه ما يسبق إلاّ إلى الصواب . فقرروا معه أن شخصاً يقول : قال سيبويه كذا وقال الكسائي كذا ، فالصواب مع مَن منهما ؟ فيقول العربي : مع الكسائي . فقال : هذا يمكن . ثم عقد لهما المجلس واجتمع أئمة النحو ، وحضر العربي وقيل له ذاك فقال : الصواب مع الكسائي وهو كلام العرب . فعلم سيبويه أنهم تحاملوا عليه وتعصبوا للكسائي ، فخرج من بغداد وقد حمل في نفسه لما جرى عليه ، وقصد بلاد فارس فأقام بها حتى مات ولم يعد إلى البصرة ( 1 ) . وزها القرن الثاني وبعض الثالث في الكوفة ، ونبغ فيها النحاة والرواة والحفّاظ والأدباء والشعراء ، قيل : كانت البصرة متقدمة في ذلك وأهل الكوفة يأخذون عن أهل البصرة ، وهؤلاء يستنكفون أن يأخذوا عن أهل الكوفة ، لاعتقادهم أنهم غير
1 - تفسير مجمع البيان : 4 / 321 ، شرح الرضي على الكافية : 3 / 194 ، سير أعلام النبلاء : 8 / 352 ، مغني اللبيب : 1 / 88 ، البداية والنهاية : 11 / 80 .
480
نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 480