نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 188
من بنائه ، فصعد النعمان على رأسه ونظر إلى البحر تجاهه والبرّ خلفه ، فرأى الحوت والضب والظبي والنخل فقال : ما رأيت مثل هذا البناء قط . فقال له سنمار : إني أعلم موضع آجرة لو زالت لسقط القصر كله . فقال النعمان : أيعرفها أحد غيرك ؟ قال : لا . قال : لا جرم لأدعنها وما يعرفها أحد . ثم أمر به فقذف من أعلى القصر إلى أسفله فتقطع ، فضربت العرب به المثل فقال شاعر : جزاني جزاه الله شرّ جزائه * جزاء سنمار وما كان ذا ذنب سوى رمّه البنيان ستين حجة * يعل عليه بالقراميد والسكب فلمّا رأى البنيان تم سحوقه * وآض كمثل الطود والشامخ الصعب فظن سنمار به كل حبوة * وفاز لديه بالمودة والقرب فقال : اقذفوا بالعلج من فوق رأسه * فهذا لعمر الله من أعجب الخطب وقد ذكرها كثير منهم وضربوا سنمار مثلا . وكان النعمان هذا قد غزا الشام مراراً ، وكان من أشد الملوك بأساً ، فبينما هو ذات يوم جالس في مجلسه في الخورنق فأشرف على النجف وما يليه من البساتين والنخل والجنان والأنهار ، ممّا يلي المغرب وعلى الفرات ممّا يلي المشرق والخورنق مقابل الفرات يدور عليه على عاقول كالخندق ، فأعجبه ما رأى من الخضرة والنور والأنهار فقال لوزيره : أرأيت مثل هذا المنظر وحسنه ؟ فقال : لا والله أيها الملك ما رأيت مثله لو كان يدوم . قال : فما الذي يدوم ؟ قال : ما عند الله في الآخرة . قال : فبم ينال ذلك ؟ قال : بترك هذه الدنيا وعبادة الله والتماس ما عنده . فترك ملكه في ليلته ولبس المسوح وخرج متخفياً هارباً ولا يعلم به أحد ، ولم يقف الناس على خبره إلى الآن ، فجاؤوا بابه بالغداة على رسمهم فلم يؤذن لهم عليه كما جرت العادة ، فلمّا أبطأ الآذن أنكروا ذلك وسألوا عن الأمر ، فأشكل الأمر عليهم
188
نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 188