نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 174
قبل الإسلام ، حيث وجدنا بين آثار مدينة الحيرة القديمة ( كنيدرة ) قنوات تحت الأرض تخترق آثار مباني المدينة القديمة وتصب في منخفضات طف الحيرة ( بين النجف وأبو صخير ) والذي كان يحملنا على الاعتقاد القوي بأن نهر السدير وكري سعد واحد ، وإنما وجد هذا الاختلاف في التسمية ، وكان سببه اختلاف الحكومات العربية وتعاقبها على هذه المنطقة في غابر العصور ، ويمكننا التدليل على صحة هذا الظن بما هو مشاهد في العصر الحاضر ، حيث نرى اليوم أسماء الترع والأنهر بل وأغلب المشاريع تتبدل أسماؤها باعتبار الحكومات المتعاقبة من وقت لآخر ، كنهر النجف الحالي الذي كان يسمّى بالسنيّة نسبة للسلطان عبد الحميد في عهد الدولة العثمانية ، وقد سمّي اليوم بعد إحيائه ثانياً باسم الملك الغازي ( عاهل البلاد ) ( 1 ) ، وكذلك نهر البديرية في ناحية الحيرة ، فإنه سمّي اليوم الفيصلي ، نسبة إلى فيصل الأول ، وعلى هذه القاعدة المطردة في التاريخ - القديم والحديث - ينبغي أن يكون قد تبدل اسم السدير للنعمان على عهد فاتح هذه الديار سعد بن أبي وقاص ، فسمّي بكري سعد ، لأن الأرض كما نرى واحدة ، والنهر واحد لا غير ، والتاريخ يعيد نفسه في كل الأمور ، كما كنّا نرى في هذه الرقعة من الأرض آثاراً متصلة بعضها ببعض يسمّى طرف منها آثار الحيرة والطرف الآخر يسمّى آثار الكوفة ، وهي مدينة واحدة تتطور أسماؤها بحسب مقتضيات الظروف والحوادث من شتى وجوه التسمية . وعلى كلّ فقد تبيّن لنا من التتبعات المقترنة باستقرآتنا الفنية بالمسح الطبوغرافي الحديث الذي بيّن لنا وضعية ارتفاعات وانخفاضات الأراضي في هذه الديار ، بأن هذا النهر هو المصدر الوحيد لإرواء هذه المدن العربية القديمة على ظهر كوفان ، من طريق طف كربلاء ، وكان يجري ماؤه كلما تمركز نفوذ العرب على هذا السنام المرتفع بين أراضي الفرات الأوسط ، سواء كان ذلك في زمن حكومات بابل أو المناذرة أو غيرهما في الحيرة قبل الإسلام أو في الكوفة بعد الإسلام ، ولا ريب في أن منبعه أنبار الحبّانية في لواء الدليم . نعم ، إن آثاره كانت تدلنا على أنه يجري ماؤه كلما ارتفع مستوى الماء في أعالي الفرات ، سواء كان بواسطة الخزن في الأنبار المار الذكر ، أو بالسدود الفنية ، وكان
1 - ما بين القوسين لم يرد في المطبوع الثاني .
174
نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 174