نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 128
الكوفة في عهد ابن جبير الرحالة يصف لنا الرحالة الكبير ابن جبير ( 1 ) الكوفة في رحلته ، وقد دخلها يوم الجمعة 28 شهر المحرم سنة 580 وشاهد آثارها الجميلة فيقول : هي مدينة كبيرة عتيقة البناء ، قد استولى الخراب على أكثرها ، فالغامر منها أكثر من العامر ، ومن أسباب خرابها قبيلة خفاجة المجاورة لها فهي لا تزال تضرّ بها ، وكفاك بتعاقب الأيام والليالي محيياً ومميتاً ( 2 ) ، وبناء هذه المدينة بالآجر خاصة ولا سور لها ، والجامع العتيق آخرها ممّا يلي شرقي البلد ولا عمارة تتصل به من جهة الشرق ، وهو جامع كبير في الجانب القبلي منه خمسة أبلطة وفي سائر الجوانب بلاطان ، وهذه البلاطات على أعمدة من السواري الموضوعة من صم الحجارة المنحوتة قطعة على قطعة مفرغة بالرصاص ولا قسي عليها ، وهي في نهاية الطول متصلة بسقف المسجد ، فتحار العيون في تفاوت ارتفاعها ، فما أرى في الأرض مسجداً أطول أعمدة منه ولا أعلى سقفاً ، ولهذا الجامع المكرّم آثار كريمة : فمنها : بيت بإزاء المحراب عن يمين مستقبل القبلة يقال : إنه كان مصلى إبراهيم الخليل ( عليه السلام ) وعليه ستر أسود صوناً له ، ومنه يخرج الخطيب لابساً ثياب السواد للخطبة ، فالناس يزدحمون على هذا الموضع المبارك للصلاة فيه ، وعلى مقربة منه ممّا يلي الجانب الأيمن من القبلة ، محراب محلق عليه بأعواد الساج مرتفع عن صحن البلاط كأنه مسجد صغير ، وهو محراب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وفي ذلك الموضع ضربه الشقي اللعين عبد الرحمن بن ملجم بالسيف فالناس يصلون فيه باكين داعين .
1 - هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن جبير بن محمد بن عبد السلام الكناني البلنسي المالكي ، ولد ببلنسية سنة 540 وتوفى بالإسكندرية سنة 614 . 2 - في المصدر : ( محيياً ومفنياً ) .
128
نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 128