واتخذوا أبناءهم تراجمة بينهم وبين العرب قال ولما رد الله الحبشة عن مكة فأصابهم ما أصابهم من النقمة عظمت العرب قريشا وقالوا أهل الله قاتل الله عنهم فكفاهم مؤونة عدوهم قال ولما هلك يكسوم بن أبرهة ملك اليمن في الحبشة أخوه مسروق ابن أبرهة فلما طال البلاء على أهل اليمن وكان ملك الحبشة باليمن فيما بين أن دخلها ارياط إلى أن قتلت الفرس مسروقا وأخرجوا الحبشة من اليمن ثنتين وسبعين سنة توارث ذلك منهم أربعة ملوك أرياط ثم أبرهة ثم يكسوم بن أبرهة ثم مسروق ابن أبرهة فخرج سيف بن ذي يزن الحميري وكان يكنى بأبي مرة حتى قدم على قيصر ملك الروم فشكا ما هم فيه وطلب إليه أن يخرجهم عنه ويليهم هو ويبعث إليهم من شاء من الروم فيكون له ملك اليمن فلم يشكه ولم يجد عنده شيئا مما يريد فخرج حتى قدم الحيرة على النعمان بن المنذر وهو عامل كسرى على الحيرة وما يليها من أرض العرب من العراق فشكا إليه ما هم فيه من البلاء والذل فقال له النعمان إن لي على كسرى وفادة في كل عام فأقم عندي حتى يكون ذلك فاخرج بك معي قال فأقام عنده حتى خرج النعمان إلى كسرى فخرج معه إلى كسرى فلما قدم النعمان على كسرى وفرغ من حاجته ذكر له سيف بن ذي يزن وما قدم له وسأل أن يأذن له عليه ففعل وكان كسرى إنما يجلس في إيوان مجلسه الذي فيه تاجه وكان تاجه مثل القنقل العظيم مضروبا فيه الياقوت والزبرجد واللؤلؤ والذهب والفضة معلقا بسلسلة من ذهب في رأس طاق مجلسه ذلك كانت عنقه لا تحمل تاجه انما يستر بالثياب حتى يجلس في مجلسه ذلك ثم يدخل رأسه في تاجه فإذا استوى في مجلسه كشف الثياب عنه فلا يراه رجل لم يره قبل ذلك إلا برك هيبة له فلما دخل عليه سيف بن ذي يزن برك ثم قال أيها الملك غلبتنا على بلادنا الأغربة فقال كسرى أن الأغربة الحبشة أم السند قال بل الحبشة فجئتك لتنصرني عليهم وتخرجهم عنى ويكون ملك بلادي لك فأنت أحب إلينا منهم قال بعدت أرضك من أرضنا وهى أرض قليلة الخير انما بها الشاء والبعير وذلك مما لا حاجة لنا به فلم أكن لأورط جيشا من فارس بأرض العرب لا حاجة لي بذلك ثم