أمريهما فخالف بينهما فجعل أحدهما مضيئا مبصرا به والآخر ممحو الضوء * وإنما ذكرنا قدر ما ذكرنا من أمر الشمس والقمر في كتابنا هذا وإن كنا قد أعرضنا عن ذكر كثير من أمرهما وأخبارهما مع إعراضنا عن ذكر بدء خلق الله السماوات والأرض وصفة ذلك وسائر ما تركنا ذكره من جميع خلق الله في هذا الكتاب لان قصدنا في كتابنا هذا ذكر ما قدمنا الخبر عنه أنا ذاكروه فيه من ذكر الأزمنة وتاريخ الملوك والأنبياء والرسل على ما قد شرطنا في أول هذا الكتاب وكانت التأريخات والأزمنة إنما توقت بالليالي والأيام التي إنما هي مقادير ساعات جرى الشمس والقمر في أفلاكهما على ما قد ذكرنا في الاخبار التي رويناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ما كان قبل خلق الله عز ذكره إياهما من خلقه في غير أوقات ولا ساعات ولا ليل ولا نهار * وإذ كنا قد بينا مقدار مدة ما بين أول ابتداء الله عز وجل في إنشاء ما أراد إنشاءه من خلقه إلى حين فراغه من إنشاء جميعهم من سنى الدنيا ومدة زمانها بالشواهد التي استشهدناها من الآثار والاخبار وأتينا على القول في مدة ما بعد أن فرغ من خلق جميعه إلى فناء الجميع بالأدلة التي دللنا بها على صحة ذلك من الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وغيرهم من علماء الأمة وكان الغرض في كتابنا هذا ذكر ما قد بينا أنا ذاكروه من تاريخ الملوك الجبابرة العاصية ربها عز وجل والمطيعة ربها منهم وأزمان الرسل والأنبياء وكنا قد أتينا على ذكر ما به تصح التأريخات وتعرف به الأوقات والساعات وذلك الشمس والقمر اللذان بإحداهما يدرك معرفة ساعات الليل وأوقاته وبالآخر يدرك علم ساعات النهار وأوقاته فلنقل الآن في أول من أعطاه الله ملكا وأنعم عليه فكفر نعمته وجحد ربوبيته وعتا على ربه واستكبر فسلبه الله نعمته وأخزاه وأذله ثم نتبعه ذكر من استن في ذلك سنته واقتفى فيه أثره فأحل الله به نقمته وجعله من شيعته وألحقه به في الخزي والذل ونذكر من كان بإزائه أو بعده من الملوك المطيعة ربها المحمودة آثارها أو من الرسل والأنبياء إن شاء الله عز وجل .