فقال ( رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير ) قال قال ابن عباس لقد قال موسى ولو شاء إنسان أن ينظر إلى خضرة أمعائه من شدة الجوع ما يسأل الله إلا أكلة * حدثنا ابن حميد قال حدثنا حكام بن سلم عن عنبسة عن أبي حصين عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس في قوله عز وجل ( ولما ورد ماء مدين ) قال ورد الماء وإنه ليتراءى خضرة البقل في بطنه من الهزال فقال رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير قال شبعة * رجع الحديث إلى حديث السدى فلما رجعت الجاريتان إلى أبيهما سريعا سألهما فأخبرتاه خبر موسى فأرسل إليه إحداهما فأتته ( تمشى على استحياء قالت إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ) فقام معها وقال لها امضى فمشيت بين يديه فضربتها الرياح فنظر إلى عجيزتها فقال لها موسى امشي خلفي ودليني على الطريق إن أخطأت فلما أتى الشيخ ( وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين ) وهى الجارية التي دعته قال الشيخ هذه القوة قد رأيت حين اقتلع الصخرة أرأيت أمانته ما يدريك ما هي * قالت إني مشيت قدامه فلم يحب أن يخونني في نفسي وأمرني أن أمشى خلفه قال له الشيخ ( إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني - إلى - أيما الأجلين قضيت ) إما ثمانيا وإما عشرا والله على ما نقول وكيل * قال ابن عباس الجارية التي دعته هي التي تزوج بها فأمر إحدى ابنتيه أن تأتيه بعصا فاتته بعصا وكانت تلك العصا استودعها إياه ملك في صورة رجل فدفعها إليه فدخلت الجارية فأخذت العصا فأتته بها فلما رآها الشيخ قال لها لا ائتيه بغيرها فألقتها فأخذت تريد أن تأخذ غيرها فلا يقع في يدها إلا هي وجعل يرددها فكل ذلك لا يخرج في يدها غيرها فلما رأى ذلك عمد إليها فأخرجها معه فرعى بها ثم إن الشيخ ندم وقال كانت وديعة فخرج يتلقى موسى فلما لقيه قال أعطني العصا قال موسى هي عصاي فأبى أن يعطيه فاختصما بينهما ثم تراضيا أن يجعلا بينهما أول رجل يلقاهما فأتاهما ملك يمشى فقضى بينهما فقال ضعاها في الأرض فمن حملها فهي له فعالجها