نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 565
ملكتها لتمكن المنافاة حينئذ واعتبر ذلك في أهل الأمصار فأهل أفريقية والمغرب لما كانوا أعرق في العجمة وأبعد عن اللسان الأول كان لهم قصور تام في تحصيل ملكته بالتعليم ولقد نقل ابن الرقيق أن بعض كتاب القيروان كتب إلى صاحب له يا أخي ومن لا عدمت فقده أعلمني أبو سعيد كلاما أنك كنت ذكرت أنك تكون مع الذين تأتي وعاقنا اليوم فلم يتهيأ لنا الخروج وأما أهل المنزل الكلاب من أمر الشين فقد كذبوا هذا باطلا ليس من هذا حرفا واحدا وكتابي إليك وأنا مشتاق إليك إن شاء الله وهكذا كانت ملكتهم في اللسان المضري شبيه بما ذكرنا وكذلك أشعارهم كانت بعيدة عن الملكة نازلة عن الطبقة ولم تزل كذلك لهذا العهد ولهذا ما كان بأفريقية من مشاهير الشعراء إلا ابن رشيق وابن شرف وأكثر ما يكون فيها الشعراء طارئين عليها ولم تزل طبقتهم في البلاغة حتى الآن مائلة إلى القصور وأهل الأندلس أقرب منهم إلى تحصيل هذه الملكة بكثرة معاناتهم وامتلائهم من المحفوظات اللغوية نظما ونثرا وكان فيهم ابن حيان المؤرخ إمام أهل الصناعة في هذه الملكة ورافع الراية لهم فيها وابن عبد ربه والقسطلي وأمثالهم من شعراء ملوك الطوائف لما زخرت فيها بحار اللسان والأدب وتداول ذلك فيهم مئين من السنين حتى كان الانفضاض والجلاء أيام تغلب النصرانية وشغلوا عن تعلم ذلك وتناقص العمران فتناقص لذلك شان الصنائع كلها فقصرت الملكة فيهم عن شأنها حتى بلغت الحضيض وكان من آخرهم صالح بن شريف ومالك بن مرحل من تلاميذ الطبقة الإشبيليين بسبتة وكتاب دولة ابن الأحمر في أولها وألقت الأندلس أفلاذ كبدها من أهل تلك الملكة بالجلاء إلى العدوة لعدوة الإشبيلية إلى سبتة ومن شرقي الأندلس إلى أفريقية ولم يلبثوا إلى أن انقرضوا وانقطع سند تعليمهم في هذه الصناعة لعسر قبول العدوة لها وصعوبتها عليهم بعوج ألسنتهم ورسوخهم في العجمة البربرية وهي منافية لما قلناه ثم عادت الملكة من بعد ذلك إلى الأندلس كما كانت ونجم بها ابن بشرين وابن جابر وابن الجياب وطبقتهم ثم إبراهيم الساحلي الطريحي وطبقته وقفاهم ابن الخطيب من بعدهم الهالك هذا العهد شهيدا بسعاية أعدائه وكان له في اللسان ملكة لا تدرك واتبع أثره تلميذه وبالجملة
565
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 565