responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 563


والبيانية فان ذلك استدلال بما حصل من القوانين المفادة بالاستقراء وهذا أمر وجداني حاصل بممارسة كلام العرب حتى يصير كواحد منهم ومثاله لو فرضنا صبيا من صبيانهم نشأ وربي في جيلهم فإنه يتعلم لغتهم ويحكم شان الاعراب والبلاغة فيها حتى يستولي على غايتها وليس من العلم القانوني في شئ وإنما هو بحصول هذه الملكة في لسانه ونطقه وكذلك تحصل هذه الملكة لمن بعد ذلك الجيل بحفظ كلامهم وأشعارهم وخطبهم والمداومة على ذلك بحيث يحصل الملكة ويصير كواحد ممن نشأ في جيلهم وربي بين أجيالهم والقوانين بمعزل عن هذا واستعير لهذه الملكة عندما ترسخ وتستقر اسم الذوق الذي اصطلح عليه أهل صناعة البيان وإنما هو موضوع لا دراك الطعوم لكن لما كان محل هذه الملكة في اللسان من حيث النطق بالكلام كما هو محل لادراك الطعوم استعير لها اسمه وأيضا فهو وجداني اللسان كما أن الطعوم محسوسة له فقيل له ذوق وإذا تبين لك ذلك علمت منه أن الأعاجم الداخلين في اللسان العربي الطارئين عليه المضطرين إلى النطق به لمخالطة أهله كالفرس والروم والترك بالمشرق وكالبربر بالمغرب فإنه لا يحصل لهم هذا الذوق لقصور حظهم في هذه الملكة التي قررنا أمرها لان قصاراهم بعد طائفة من العمر وسبق ملكة أخرى إلى اللسان وهي لغاتهم أن يعتنوا بما يتداوله أهل مصر بينهم في المحاورة من مفرد ومركب لما يضطرون إليه من ذلك وهذه الملكة قد ذهبت لأهل الأمصار وبعدوا عنها كما تقدم وإنما لهم في ذلك ملكة أخرى وليست هي ملكة اللسان المطلوبة ومن عرف تلك الملكة من القوانين المسطرة في الكتب فليس من تحصيل الملكة في شئ إنما حصل أحكامها كما عرفت وإنما تحصل هذه الملكة بالممارسة والاعتياد والتكرر لكلام العرب فان عرض لك ما تسمعه من أن سيبويه والفارسي والزمخشري وأمثالهم من فرسان الكلام كانوا أعجاما مع حصول هذه الملكة لهم فاعلم أن أولئك القوم الذين تسمع عنهم إنما كانوا عجما في نسبهم فقط وأما المربى والنشأة فكانت بين أهل هذه الملكة من العرب ومن تعلمها منهم فاستولوا بذلك من الكلام على غاية لا شئ وراءها وكأنهم في أول نشأتهم من العرب الذين نشأوا في أجيالهم

563

نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 563
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست