نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 550
الأبيض في هذه كلها لحنا وخروجا عن لسان العرب واختص بالتأليف في هذا المنحى الثعالبي وأفرده في كتاب له سماه فقه اللغة وهو من أكد ما يأخذ به اللغوي نفسه أن يحرف استعمال العرب عن مواضعه فليس معرفة الوضع الأول بكاف في الترتيب حتى يشهد له استعمال العرب لذلك وأكثر ما يحتاج إلى ذلك الأديب في فني نظمه ونثره حذرا من أن يكثر لحنه في الموضوعات اللغوية في مفرداتها وتراكيبها وهو أشد من اللحن في الاعراب وأفحش وكذلك ألف بعض المتأخرين في الألفاظ المشتركة وتكفل بحصرها وإن لم تبلغ إلى النهاية في ذلك فهو مستوعب للأكثر وأما المختصرات الموجودة في هذا الفن المخصوصة بالمتداول من اللغة الكثير الاستعمال تسهيلا لحفظها على الطالب فكثيرة مثل الألفاظ لابن السكيت والفصيح لثعلب وغيرهما وبعضها أقل لغة من بعض لاختلاف نظرهم في الأهم على الطالب للحفظ والله الخلاق العليم لا رب سواه علم البيان هذا العلم حادث في الملة بعد علم العربية واللغة وهو من العلوم اللسانية لأنه متعلق بالألفاظ وما تفيده ويقصد بها الدلالة عليه من المعاني وذلك أن الأمور التي يقصد المتكلم بها إفادة السامع من كلامه هي إما تصور مفردات تسند ويسند إليها ويفضي بعضها إلى بعض والدالة على هذه هي المفردات من الأسماء والأفعال والحروف وإما تمييز المسندات من المسند إليها والأزمنة ويدل عليها بتغير الحركات من الاعراب وأبنية الكلمات وهذه كلها هي صناعة النحو ويبقى من الأمور المكتنفة بالواقعات المحتاجة للدلالة أحوال المتخاطبين أو الفاعلين وما يقتضيه حال الفعل وهو محتاج إلى الدلالة عليه لأنه من تمام الإفادة وإذا حصلت للمتكلم فقد بلغ غاية الإفادة في كلامه وإذا لم يشتمل على شئ منها فليس من جنس كلام العرب فان كلامهم واسع ولكل مقام عندهم مقال يختص به بعد كمال الاعراب والإبانة ألا ترى أن قولهم زيد جاءني مغاير لقولهم جاءني زيد من قبل أن المتقدم منهما هو الأهم عند المتكلم فمن قال جاءني زيد أفاد أن اهتمامه بالمجئ قبل الشخص المسند إليه ومن قال زيد جاءني أفاد أن اهتمامه بالشخص
550
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 550