responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إمتاع الأسماع نویسنده : المقريزي    جلد : 1  صفحه : 26


وأنس بن مالك [1] ، وهو صحيح عند أهل السير والعلم بالأثر .



[1] هو أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار ، الإمام ، المفتي ، المقرئ ، المحدث ، راوية الإسلام ، أبو حمزة الأنصاري ، الخزرجي ، النجاري ، المدني ، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقرابته من النساء ، وتلميذه ، وتبعه ، وآخر أصحابه موتا . روى عن النبي صلى الله عليه وسلم علما جما ، وعن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، ومعاذ ، وأسيد بن الحضير ، وأبي طلحة ، وأمه أم سليم بن ملحان ، وخالته أم حرام ، وزوجها عبادة بن الصامت ، وأبي ذر ، ومالك بن صعصعة ، وأبي هريرة ، وفاطمة النبوية ، وعدة . وروى عنه خلق عظيم ، منهم : الحسن ، وابن سيرين ، والشعبي ، وخلق كثير ، وبقي أصحابه الثقات إلى ما بعد الخمسين ومائة . وكان أنس يقول : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر سنين ، ومات وأنا ابن عشرين ، وكن أمهاتي يحثثنني على خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصحب أنس رسول الله صلى الله عليه وسلم أتم الصحبة ، ولازمه أكمل الملازمة منذ هاجر ، وإلى أن مات ، وغزا معه غير مرة ، وبايع تحت الشجرة . لم يعده أصحاب المغازي في البدريين لكونه حضرها صبيا ، ما قاتل ، بلى بقي في رحال الجيش ، فهذا وجه الجمع . قال أبو هريرة : ما رأيت أحدا أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن أم سليم ، يعني أنسا . وقال أنس ابن سيرين : كان أنس بن مالك أحسن الناس صلاة في الحضر والسفر . مسنده ألفان ومئتان وستة وثمانون ، اتفق له البخاري ومسلم على مئة وثمانين حديثا ، وانفرد البخاري بثمانين حديثا . ومسلم بتسعين ، وروى له الأربعة ، وجملة مروياته ( 2286 ) حديثا . قال أنس رضي الله عنه : خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين ، فما ضربني ، ولا سبني ، ولا عبس في وجهي ، رواه الترمذي بأطول من هذا . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم أكثر ماله وولده ، قال أنس : والله إن مالي لكثير ، وإن ولدي وولد ولدي يتعادون على نحو من مائة اليوم ، قال بعضهم : بلغ مائة وثلاث سنين . ذكر صلاح الدين الصفدي في ( الوافي ) ، أن علي بن زيد بن جدعان قال : كنت في دار الإمارة والحجاج يعرض الناس أيام ابن الأشعث ، فدخل أنس بن مالك ، فلما دنا من الحجاج قال الحجاج : يا خبثه ! جوال في الفتن ، مرة مع علي بن أبي طالب ، ومرة مع ابن الزبير ، ومرة مع ابن الأشعث ، والله لأستأصلنك كما تستأصل الصمغة ، ولأجردنك كما يجرد الضب ! فقال له أنس : من يعني الأمير ، أصلحه الله ؟ قال : إياك أعني ، أصم الله سمعك ! فاسترجع أنس وشغل عنه ، فخرج أنس وتبعته وقلت : ما منعك أن تجيبه ؟ فقال : والله لولا أني ذكرت كثرة ولدي ، وخشيته عليهم ، لأسمعته في مقامي هذا ما لا يستحسن لأحد من بعدي . وكتب إلى عبد الملك : بسم الله الرحمن الرحيم ، لعبد الملك أمير المؤمنين من أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه ، أما بعد ، فإن الحجاج قال لي هجرا من القول وأسمعني نكرا ، ولم أكن لما قال أهلا ، إنه قال لي كذا وكذا ، وإني أقسمت . بخدمتي لرسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين كوامل : لولا صبية صغار ما باليت أية قتلة قتلت ، ووالله ، لو أن اليهود والنصارى أدركوا رجلا خدم نبيهم لأكرموه ! فخذ لي على يده ، وأعني عليه ، والسلام . فلما قرأ عبد الملك الكتاب استشاط غضبا ، وكتب إلى الحجاج ، أما بعد ، فإن عبد من ثقيف ، طمحت بك الأمور ، فعلوت فيها وطغيت ، حتى عدوت قدرك ، وتجاوزت طورك ، يا ابن المستفرمة بعجم الزبيب ، لأغمزنك غمز الليث ، ولأخبطنك خبطة ، ولأركضنك ركضة تود معها لو أنك رجعت في مخرجك من وجار أمك . أما تذكر حال آبائك ومكاسبهم بالطائف ، وحفرهم الأبار بأيديهم ، ونقلهم الحجارة على ظهورهم ؟ أم نسيت أجدادك في اللؤم والدناءة وخساسة الأصل ، وقد بلغ أمير المؤمنين ما كان منك إلى أبي حمزة أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم القريب ، وصاحبه في المشهد والمغيب ، جرأة منك على الله ورسوله ، وأمير المؤمنين والمسلمين ، وإقداما على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعليك لعنة الله من عبد أخفش العينين ، أصك الرجلين ، ممسوح الجاعرتين ، لقد همت أن أبعث إليك من يسحبك ظهرا لبطن حتى يأتي بك أبا حمزة ، فيحكم فيك بما يراه . ولو علم أمير المؤمنين أنك اجترمت إليه جرما ، أو انتهكت له عرضا غير ما كتب إليه ، لفعل ذلك بك . فإذا قرأت كتابي هذا . فكن له أطوع من نعله ، واعرف حقه ، وأكرمه وأهله ، ولا تقصرن في شئ من حوائجه ، فوالله لو أن اليهود رأت رجلا خدم العزير ، أو النصارى رأت رجلا خدم المسيح ، لوقروه وعظموه ، فتبا لك ، لقد اجترأت ونسيت العهد ، وإياك أن يبلغني عنك خلاف ذلك ، فأبعث إليك من يضربك بطنا لظهر ، ويهتك سترك ، ويشمت بك عدوك ، والقه في منزله متنصلا إليه ليكتب إلي برضاه عنك ! و ( لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون ) . وكتب عبد الملك إلى : أنس لأبي حمزة أنس بن مالك ، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من عبد الملك ، سلام عليك ، أما بعد ، فإني قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت في أمر الحجاج ، وإني والله ما سلطته عليك ولا على أمثالك ، وقد كتبت إليه ما يبلغك ، فإن عاد لمثلها فعرفني حتى أحل به عقوبتي ، وأذله بسطوتي ، والسلام عليك . ثم أرسل إلى إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر ، ودفع إليه الكتابين ، وقال : اذهب إلى أنس والحجاج ، وابدأ بأنس ، وقل له : أمير المؤمنين يسلم عليك ويقول لك : قد كتبت إلى عبد بني ثقيف كتابا إذا قرأه كان أطوع لك من أمتك ، واستعرض حوائجه ، فركب إسماعيل البريد ، فلما دفع الكتاب إلى الحجاج ، جعل يقرأه ويتمعر وجهه ، ويرشح عرقا ، ويقول : يغفر الله لأمير المؤمنين ! ثم قال : نمضي إلى أنس ، فقال له : على رسلك ، ثم مضى إلى أنس وقال له : يا أبا حمزة ، قد فعل أمير المؤمنين معك ما فعل ، وهو يقرأ عليك السلام ، ويستعرض حوائجك . فبكى أنس وقال : جزاه الله خيرا ، كان أعرف بحقي ، وأبر بي من الحجاج ، قال : وقد عزم الحجاج على المجئ إليك ، فإن رأيت أن تتفضل عليه فأنت أولى بالتفضل . فقام أنس ودخل إلى الحجاج إليه واعتنقه وأجلسه على سريره ، وقال : يا أبا حمزة ، عجلت على بالملامة ، وأغضبت أمير المؤمنين ، وأخذ يعتذر إليه ويقول : قد علمت شعب أهل العراق ، وما كان من ابنك مع ابن الجارود ، ومن خروجك مع ابن الأشعث ، فأردت أن يعلموا أني أسرع إليهم بالعقوبة إذ قلت لمثلك ما قلت . فقال أنس : ما شكوت حتى بلغ مني الجهد ، زعمت أننا الأشرار ، والله سمانا الأنصار ، وزعمت أننا أهل النفاق ، ونحن الذين تبوأنا الدار والإيمان ، والله يحكم بيننا وبينك ، وما وكلتك إلى أمير المؤمنين إلا حيث لم يكن لي به قوة ، ولا آوي إلى ركن شديد . ودعا لعبد الملك وقال : إن رأيت خيرا حمدت ، وإن رأيت شرا صبرت ، وبالله استعنت . وكتب الحجاج إلى عبد الملك : أما بعد ، فأصلح الله أمير المؤمنين وأبقاه ، ولا أعدمناه ، وصلني الكتاب يذكر فيه شتمي وتعييري بما كان قبل نزول النعمة بي من أمير المؤمنين ، ويذكر استطالتي على أنس ، جرأة مني على أمير المؤمنين ، وغرة مني بمعرفة سطواته ونقماته ، وأمير المؤمنين أعزه الله في قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق من أقالني عثرتي ، وعفا عن جريمتي ، ولم يعجل عقوبتي ، ورأيه العالي في تفريج كربتي ، وتسكين روعتي ، أقاله الله العثرات : قد رأى إسماعيل بن أبي المهاجر خضوعي لأنس ، وإعظامي إياه . . . واعتذر إليه اعتذارا كثيرا . ولما قدم الحجاج العراق أرسل إلى أنس فقال : يا أبا حمزة ، إنك قد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورأيت من عمله وسيرته ومنهاجه ، فهذا خاتمي ، فليكن في يدك ، فأرى برأيك ، ولا أعمل شيئا إلا بأمرك . فقال له أنس : أنا شيخ كبير ، قد ضعفت ورققت ، وليس في اليوم ذاك . فقال : قد علمت ، لفلان وفلان ، فما بالي أنا ؟ فانظر إن كان في بنيك ممن تثق بدينه وأمانته وعقله ! قال : ما في بني من أثق لك به ! وكثر الكلام بينهما . وقال الحجاج يوما من جملة كلام : لقد عبث فما تركت شيئا ، ولولا خدمتك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكتاب أمير المؤمنين لكان لي ولك شأن من الشأن ، فقال أنس : هيهات ! إني لما خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم علمني كلمات لا يضرني معهن عتو جبار ، فقال له الحجاج : يا عماه لو علمتنيهن ! فقال أنس : لست لذلك بأهل ، فدس إليه الحجاج ابنه محمدا ، ومعه مائتي ألف درهم ، ومات الحجاج قبل أن يظفر بالكلمات . وقال أنس : دفنت من صلبي مائة ولد ، وإن نخلي ليثمر في السنة مرتين ، وعشت حتى استحييت من أهلي وأنا أرجو الرابعة - المغفرة - لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اللهم أكثر ماله وولده ، وأطل عمره ، وأغفر له ذنبه ، وبارك له فيما أعطيته . وقال ابن سعد : كان يصلي حتى تنفطر رجلاه دما ، وكان مجاب الدعوة ، يدعو فينزل الغيث ، وكان إذا أراد أن يختم القرآن جمع أهله وعياله وولده ، فيختم بحضرتهم . بلغ مائة وثلاث سنين ، وتوفي على الصحيح سنة ثلاث وتسعين للهجرة . * مرآة الجنان : 1 / 182 ، البداية والنهاية : ص 131 من الفهارس ( فهرس الوفيات ) ، تهذيب التهذيب : 1 / 329 - 331 ، الإصابة : 1 / 126 - 129 ، خلاصة تذهيب الكمال : 1 / 105 ، شذرات الذهب : 1 / 100 - 101 ، الثقات : 3 / 4 ، أسماء الصحابة الرواة : 39 ، تلقيح الفهوم : 363 ، تاريخ الصحابة : 28 - 29 ، صفة الصفوة : 1 / 361 - 362 ، الإعلام بوفيات الأعلام : 51 ، الوافي بالوفيات : 9 / 411 - 416 ، سير أعلام النبلاء : 3 / 395 - 406 ، طبقات ابن سعد : 7 / 17 - 26 ، التاريخ الكبير : 2 / 27 ، التاريخ الصغير : 1 / 209 ، المعارف : 308 ، الجرح والتعديل : 2 / 286 ، المستدرك : 3 / 573 ، الإستيعاب : 1 / 109 - 111 ، جامع الأصول : 9 / 88 ، تهذيب الأسماء واللغات : 1 / 127 .

26

نام کتاب : إمتاع الأسماع نویسنده : المقريزي    جلد : 1  صفحه : 26
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست