نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم والملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 419
أنه لو اجتمع الإنس والجن على أن يميزوا بعضه من بعض لم يقدروا على ذلك ، ولو هبت الريح لأذرته . ونظرت إلى الحجر الَّذي قذف به يربو ويعظم وينتشر حتى ملأ الأرضين كلها فصرت لا ترى [ إلا ] [1] السماء والحجر . قال له نصر : صدقت هذه الرؤيا التي رأيت ، فما تأويلها . قال : أما الصنم فأمم مختلفة في أول الزمان وفي أوسطه وفي آخره . وأما الذهب فهذا الزمان وهذه الأمة التي أنت فيها وأنت ملكها . وأما الفضة ابنك من بعدك يملكها ، وأما النحاس فإنه الروم ، وأما الحديد ففارس . وأما الفخار فأمتان تملكهما امرأتان إحداهما في مشرق اليمن ، والأخرى في غربي الشام . وأما الحجر الَّذي / قذف به الصنم ؟ حذف الله به هذه الأمم في آخر الزمان ، فيظهر عليها حتى يبعث نبي أمّي من العرب فيدوخ به الأمم والأديان كما رأيت الحجر دوخ أصناف الصنم ، ويظهره على الأديان والأمم كما رأيت الحجر ظهر على الأرض وانتشر فيها حتى ملأها فيحق الله به الحق ويزهق به الباطل ، ويعز به الأذلة ، وينصر به المستضعفين . فقال له نصر : ما أعلم أحدا استفتيت به منذ وليت الملك على شيء غلبني غيرك ، ولا لأحد عندي يد أعظم من يدك ، وأنا أجازيك بإحسانك ، فاختر من ثلاث خلال أعرضهن عليك : إن أحببت أن أردك إلى بلادك ، وأعمر لك كل شيء خربته ، وإن أحببت كتبت لك أمانا تأمن به حيث ما ملكت ، وإن أحببت أن تقيم معي فأواسيك . قال دانيال : أما قولك تردني إلى بلادي وتعمر لي ما خربت ، فإنّها أرض كتب الله عز وجل عليها الخراب وعلى أهلها الفناء إلى أجل معلوم ، فليس تقدر علي أن تعمر ما خرب الله ولا ترد أجلا أجله الله حتى يبلغ الكتاب أجله وينقضي هذا البلاء الَّذي كتب الله على إيليا وأهلها . وأما قولك أن تكتب لي أمانا آمن به حيث ما توجهت ، فإنه لا ينبغي لي أن أطلب مع أمان الله أمان مخلوق .