نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم والملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 398
فأتى النبي شعيا ملك بني إسرائيل فأخبره ، فأقبل على القبلة فصلى وسبح ودعا وبكى ، وقال وهو يبكي ويتضرع إلى الله : زدني في عمري ، فأوحى الله إلى شعيا أن يخبر الملك أن ربه قد رحمه وقد أخر أجله خمس عشرة سنة ، وأنجاه من عدوه . فقال الملك لشعيا : سل ربك أن يجعل لنا علما بما هو صانع بعدونا هذا . قال : فقال الله لشعيا : قل له إني قد كفيتك عدوك وأنجيتك منهم وأنهم سيصبحون موتى كلهم إلا سنحاريث وخمسة من كتابه . فلما أصبح جاء صارخ فصرخ على باب المدينة : يا ملك بني إسرائيل ، إن الله قد كفاك عدوك ، فأخرج فإن سنحاريث ومن معه قد هلكوا . فلما خرج [ الملك ] [1] التمس سنحاريث فلم يوجد في الموتى ، فبعث الملك في طلبه ، فأدركه الطلب في مغارة هو وخمسة من كتابه أحدهم نصر ، فجعلوهم في الجوامع ، ثم أتوا بهم ملك بني إسرائيل ، فلما رآهم خرّ ساجدا ، ثم قال لسنحاريث : كيف ترى فعل ربنا بكم ؟ ألم يقتلكم بحوله وقوته ونحن وأنتم غافلون ! فقال سنحاريث له : قد أتاني خبر ربكم ونصره إياكم ورحمته التي رحمكم بها قبل أن أخرج من بلادي ، فلم أطع مرشدا ولم يلقني في الشقوة إلا قلة عقلي . فقال ملك بني إسرائيل : إن ربنا إنما أبقاك ومن معك لتخبروا من وراءكم بما رأيتم من فعل ربنا ، ولتنذروا من بعدكم . ثم أمر أمير حرسه فقذف في رقابهم الجوامع ، وطاف بهم سبعين يوما حول بيت المقدس ، وكان يرزقهم في كل يوم خبزتين من شعير لكل رجل منهم . فقال سنحاريث لملك بني إسرائيل : القتل خير مما تفعل بنا ، فافعل ما أمرت . فأمر بهم إلى سجن القتل ، فأوحى الله إلى شعيا النبي : أن قل لملك بني إسرائيل يرسل سنحاريث ومن معه لينذروا من وراءهم ، وليكرمهم وليحملهم حتى يبلغوا بلادهم . فبلغ النبي شعيا ذلك الملك ، ففعل ، فخرج سنحاريث ومن معه حتى قدموا بابل ، فلما قدموا جمع الناس فأخبرهم كيف فعل الله بجنوده ، ثم لبث سنحاريث بعد ذلك سبع سنين ثم مات .