نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم والملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 356
فانطلقت حتى إذا أشرفت به على عسكر موسى وبني إسرائيل جعل لا يدعو لقومه بخير إلا صرف لسانه إلى بني إسرائيل . قال : فقال قومه : أتدري يا بلعم ما تصنع إنما تدعو لهم وتدعو علينا ، قال : فهذا ما لا أملك ، هذا شيء قد غلب الله عليه ، فاندلع لسانه فوقع على صدره ، فقال لهم : قد ذهبت الآن مني الدنيا والآخرة ، فلم يبق إلا المكر والحيلة ، فسأحتال لكم . جملوا النساء وأعطوهن السلع ، ثم أرسلوهن إلى العسكر يبعنها فيه وأمروهن أن لا تمنع امرأة نفسها من رجل أرادها ، فإنه إن زنى رجل واحد منهم كفيتموهم . ففعلوا فوقع رجل منهم على امرأة ، فأرسل الله الطاعون على بني إسرائيل حينئذ ، فهلك منهم سبعون ألفا في ساعة ، وكان فنحاص بن العيزار بن هارون صاحب أمر موسى ، وكان قد أعطي بسطة في الخلق وقوة في البطش ، فأخبر خبر الرجل والمرأة ، فأخذ حربته ثم دخل عليهما القبة وهما مضطجعان ، فانتظمهما بحربته ثم خرج بهما رافعهما إلى السماء والحربة قد أخذها بذراعه ، واعتمد بمرفقه على خاصرته ، وهو يقول : اللَّهمّ هكذا نفعل بمن يعصيك . وقد قيل : إن بلعام لما دعي على قوم موسى تاهوا ، وإن موسى دعا عليه ثم حارب أهل بلده بعد خروجه من التيه ، فأسره وقتله ، وحارب الكنعانيين ، وقتل عوج ، وحارب موسى اليونانيين والمديانيين والأمم الكافرة . وقد حكى أحمد بن جعفر المنادي : أن موسى بعد هلاك فرعون وطئ الشام ، فأهلك ما بها من الكفار ، وبعث بعثا إلى الحجاز وأمرهم أن لا يستبقوا منهم أحدا ، فقدموها فرزقهم الله الظفر فقتلوا العمالقة ، وكانوا بيثرب حتى انتهوا إلى ملكهم الَّذي كان يقال له : الأرقم قيما فقتلوه ، وأصابوا ابنا له شابا لم ير أحسن منه ، فضنوا به عن القتل [1] ، وأجمع رأيهم على أن يسحبوه حتى يقدموا به على موسى فيرى فيه رأيه . فأقبلوا قادمين به ، وقبض موسى قبل قدومهم فتلقاهم الناس فأخبروهم الخبر ، فقالت بنو إسرائيل : خالفتم نبيكم حين استبقيتم هذا ، لا تدخلوا علينا ، فحالوا بينهم وبين الشام ، فرجعوا إلى الحجاز ، فكان ذلك أول سكنى يهود الحجاز ، فنزلوا المدينة واتخذوا فيها